مدارات

المؤتمر الوطني الأفريقي يفوز في الانتخابات البلدية

رشيد غويلب
سلطت نتائج الانتخابات البلدية التي جرت في الثالث من آب المنتهي في جنوب افريقيا، الضوء من جديد على الصراع السياسي المتصاعد في البلاد في السنوات الاخيرة، وعلى المصاعب التي تواجه المؤتمر الأفريقي الذي يضم في اطاره ايضا الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا والنقابات العمالية.
فقد شهد الثاني والعشرون من آب اختيار مرشح حزب التحالف الديمقراطي اليميني لمنصب عمدة جوهانسبرغ ، بعد ان ظلت المدينة منذ نهاية حكم الفصل العنصري في ايدي مرشحي المؤتمر الوطني الأفريقي. وكان المؤتمر الوطني قد حصل في العاصمة الاقتصادية على 45 في المائة فقط، مقابل 38 لحزب اليمين المعارض، ولكن الاخير استطاع ان يمرر مرشحه بفضل التفاهم مع حزب "المناضلين من اجل الحرية الاقتصادية".
ويعد المتابعون ما حدث بداية لنهاية الاغلبية المطلقة التي يتمتع بها الحزب الحاكم، وبداية مرحلة التحالفات. ولم يشهد برلمان العاصمة تحالفا مباشرا بين المتعاونين، وكذلك هو الحال في مدينة بريتوريا التي انتخب مرشح اليمين ايضا عمدة لها. وذلك ان حزب "المناضلين من اجل الحرية الاقتصادية" الذي تأسس عام 2013 بعد انشقاق في المؤتمر الوطني الأفريقي قاده يوليوس ماليما، الرئيس السابق لرابطة شبيبة المؤتمر الوطني الافريقي، والذي دخل في عام 2012 في صراع مفتوح على السلطة في الدولة والحزب مع الرئيس جاكوب زوما، لا يجمعه مع حزب اليمين جامع سوى الخصومة مع المؤتمر الوطني والرئيس زوما. ولهذا يؤكد رئيسه ان حزبه يريد ازاحة المؤتمر الوطني الأفريقي من السلطة، ولكن برنامجه اليساري مختلف كليا عن منهج اليمين، وانه سيحافظ على استقلالية خياراته. فحزب التحالف الديمقراطي يعتمد نهج الليبرالية الجديدة، في حين ان حزب المناضلين يتبنى مطالب اكثر راديكالية من تلك التي يتبناها المؤتمر الوطني الأفريقي. وكان ماليما قد أعلن خلال الحملة الانتخابية، انه سيحاول ارسال رئيس الجمهورية، الذي يتهمه بالفساد، الى السجن. ولكن الواقع يبدو غير ذلك تماما. فالمتابعون للتطورات السياسية في البلاد يرون ان الانتخابات البلدية لم تؤثر كثيرا على وضع الرئيس. وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي يحاول التمسك بدوره الأساس في الحياة السياسية، فالحزب حصل على 54 في المائة من الأصوات في عموم البلاد، مقابل 62 في المائة في الانتخابات البلدية في عام 2011 . والحزب يناقش امكانية استعادة ثقة الناخبين بعد انتهاء عهد الرئيس زوما. وستنتهي ولاية زوما في قيادة الحزب في عام 2017 ، عندما يعقد المؤتمر الوطني الافريقي مؤتمره الانتخابي، الذي سينتخب فيه قيادة جديدة. وزعيم الحزب الجديد سيكون مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2019 ،لان الدستور لا يسمح للرئيس الحالي بالترشيح لولاية ثالثة. ولهذا لا يركز الحزب جهوده على فكرة استبدال الرئيس، بل على اختيار البديل المستقبلي الذي علية ان ينقل الحزب وسلطة اليسار الى مواقع افضل. ان فوز المعارضة بإدارة المدن الكبيرة يمثل ايضا خطراً بالنسبة إليها، فعليها ان تثبت انها قادرة على ادارة المدن بطريقة افضل. ولكن اليمين يدير هذه المدن بلا اغلبية برلمانية حقيقية، وبساسة لا يمتلكون الخبرة المطلوبة.
فرئيس بلدية جوهانسبرغ الجديد الأسود، على سبيل المثال، تم ضمه الى حزب اليمين كغطاء دعائي انتخابي، دون امتلاكه المواصفات التي تتطلبها ادارة الدولة. حيث استطاع تكوين ثروة من عمله في مستحضرات التجميل والعناية بالشعر، وكان اول اعلان له بعد مرور يوم على تسلم منصبه هو عزمه على اختبار كفاءة العاملين في الإدارات المحلية، في مراجعة تهدف الى تسريح الكثير منهم. وهو امر لن تسمح به النقابات العمالية وهي احد اركان التحالف الثلاثي في المؤتمر الوطني الأفريقي. وسيكون على حزب "المناضلين من اجل الحرية الاقتصادية"، الذي يعارض الحكومة من اليسار، ان يحدد موقفه في الوقوف الى جانب العاملين، او الى جانب الليبراليين الجدد. ما هو اكيد حالياً ان المدن الكبرى في جنوب افريقيا ستعيش اوقاتا قلقة.