عند تقييم نتائج العملية التعليمية للعام الدراسي المنصرم والتي باءت بالفشل في كثير من مواقعها وفي مختلف المراحل الدراسية نتيجة الضعف في الاداء في كل مفاصل المسؤولية فإننا نصل إلى معرفة اسباب بعض التلكؤات التي رافقت النشاط التعليمي حتى اوصلت نتائج بعض المدارس الى مستوى الصفر او المستوى الضعيف والمنخفض في النتائج النهائية ,وهذا لا ينطبق على مرحلة دراسية واحدة وإنما يشمل كل المراحل الدراسية نتيجة إستمرار الأداء القاصر في جوانب كثيرة في عملية التعليم كان اللازم الإهتمام بها منذ اليوم الأول من العام الدراسي ,وهذا ما نتوق إليه من المسؤولين عن إنجاح عملية التربية والتعليم في العام الدراسي الجديد .
الإخفاق تميزت به جوانب كثيرة ذات علاقة مباشرة منها الإدارة المدرسية والإشراف التربوي والمنهج الدراسي وموعد توزيع الكتب المقررة ومدى صلاحية بنايات المدارس وإحتوائها على المرافق الخدمية ومستلزمات مساعدة ومكملة للمنهج الدراسي ,المسرح ,النشاطات اللاصفية ,العلاقة التفاعلية بين البيت والمدرسة من خلال مجالس الآباء والمعلمين ,مع ضمان دوام منظم لا تشوبه العطل المفتعلة !! غير المقننة المضيعة للفرص التعليمية ,حيث تكون هذه الشروط المحك الأول لنجاح عملية التعليم للوصول الى النتائج المرضية والمتعادلة مع الجهود والأموال المبذولة طيلة العام الدراسي
للوصول للنجاح في هذه المفاصل من عملية التعليم وجب على المسؤولين في مديريات التربية ومن خلال شعبها ذات الإختصاص ,أن لا تبدا عملها في بداية الدوام الرسمي ,وإنما عليها إستغلال العطلة الصيفية بدراسة تكاملية لكل متطلبات العملية التعليمية ,كما هو في العمل المنظم لبناء عمارة سكنية حيث تهيأ كل المواد الأولية ,من خارطة وهيئات إشراف ومتابعة تضمن من خلال العمل الناجز بالمدة المقررة لتكملة مشروع البناء ,كذلك هي الحالة بالنسبة الى عملنا في مدارسنا يجب تهيئة جميع مستلزمات العملية التعليمية منذ اليوم الاول للعام الدراسي الجديد بحيث لا يمكن خلق اي فراغ يودي بعملنا التربوي _التعليمي الى التلكؤ والتباطؤ المؤديين الى الفشل .
إن العمل المنظم يوصل دائماَ إلى النجاح ,حيث يكون التخطيط مبنيا َ على اساس إعطاء الزمن قيمة لا يمكن التساهل بها والتجاوز عليها, وبهذه الصورة سيكون التواصل بين الطالب والمعلم حاسماَ مما يخلق الأجواء الطبيعية لسير عملية التعليم نحو تحقيق أهدافها المرجوة .
لربما أن بعض مسؤولينا يقومون بواجباتهم التحضيرية هذه , ولكن لا أعتقد ان الكل سوف يوفي بالمسؤولية هذه, فكثير من إدارات المدارس, قد عودتنا! إن توزيع الكتب المقررة يستمر متقطعاَ! طيلة أيام العام الدراسي ,حتى إن بعضها يوزع قبل الإمتحان النهائي بمدة قصيرة جداَ خاصة المواد المعادة صياغتها وفق منظور علمي مستجد كان يمكن تلافي وقت إنجازه قبل هذه المدة ,لان الطالب والمعلم لن يسعفهما الوقت لإستيعاب المادة الجديدة معرفةَ وتدريساَ مما سوف يؤثر سلباَ ويخلق الأجواء للإخفاق في النتائج النهائية .
وكذالك الكادر التعليمي المفروض إكتماله لوضع الجدول المدرسي مبكراَ لكننا لا نرى كثيراَ من المدارس يحالفها الحظ في هذا المفصل من العمل التعليمي المهم ! تشاركها فيه شعب المديرية العامة للتربية حين لا يكون تجهيزها للمستلزمات التعليمية متوازناَ في إكمال الملاك التعليمي ويظل المعلمون يلتحقون بالمدارس كناقوط حِب الماء ولربما أبطأ منه !!.وتظل المدرسة في تخبط أعمى وتذهب الحصص التعليمية هباء وعندما يتم إكتمال الملاك التعليمي في منتصف العام الدراسي أو بعده ! سيتضاعف التحضير على الطالب لمواد وإمتحانات متزاحمة مما يخلق الصعوبات للوفاء لتحضيرٍ مرضٍ.
إن سلبية أخرى تتمثل في توقيت عملية ترميم المدارس حيث تتزامن مع بدء الدوام الرسمي للمدارس مما يشوش ويؤثر على إستتباب ومواصلة العملية التعليمية كثيرا ما لا يلتفت اليها المسؤولون أو إنهم يتغاضون عنها لأسباب خاصة ,أحياناَ.
لو رجعنا لكثير من الباحثين في مجال إخفاق العملية التربوية في بلدنا لوجدناهم يعزون التسرب الحاصل عند التلاميذ في كل المستويات التعليمية, خاصة الإبتدائية منها ,إلى ضعف الواقع المعيشي للعائلة العراقية ,هذا صحيح بدرجة وافية إلى الحقيقة المعاشة , ولكن التعامل اليومي القاصر الذي يفرزه العمل التعليمي البعيد عن المنهجية الصائبة المؤدية الى تبني التلميذ العلاقة الوطيدة مع المدرسة ,ضمن أجوائها الإجتماعية ,خاصة ما له علاقة بالنظام المدرسي وطرق التدريس ومعالجة الإخفاقات في سلوكية الطالب الناتجة بسبب عدم قدرة المعلم على كسب هذا الفرد الذي تتعامل في نفسه كثير من المحفزات المجهضة للتماثل الطبيعي للجو الدرسي الجديد أوجب على المعلم الإطلاع على المفاهيم العلمية /النفسية لتشخيص تلك الخصائل السلبية ومعالجتها . كذلك عدم وجود مساحة توعوية في المناهج المقررة تحتوي الإتجاهات المعاكسة لدى المتلقي وتوجيهها الوجهة الصحيحة من أجل خلق شخصية سوية ممكن قيادتها نحو سلوك افضل ,بالإضافة الى قلة حواضن النشاطات المنمية للقدرات الفردية مما يفسح وجوداَ إجتماعياَ متطوراَ للمجتمع المدرسي يكون جاذباَ وليس طارداَ للتلاميذ ,يحول المدرسة الى حضن ٍ دافئٍ للمتعلم .
كل هذه أسباب يمكن تداركها لو أُتُبِعَ الأسلوب الديمقراطي في التوجيهات ذات العلاقة بالنظام التعليمي ,عندها سيكون الجو التعليمي لتبلور مواقع حياتية يتعشقها المتلقي وبذلك يمكننا ان نعتقد أن عملية التعليم قد وقفت على قدميها وبدأت مسيرتها المنتجة بتحقيق أهدافها النهائية وأغراضها المحورية في بناء شخصيات تملك الثقة بنفسها متحولة الى لبنات جديرة بالمشاركة في بناء صرح المجتمع الجديد , مجتمع القيم الإنسانية العليا من دون خسارة للأعداد الهائلة من المتسربين (المشردين) من مدارسهم اليوم ! والغائصين في أوحال المتاهات المتخلفة والمأزومة !بمحتوياتها المبيدة للقدرات النامية والمدركة لواقعها ومهمة إنتشاله من ادرانه العقيمة!.