مدارات

على اعتاب العام الدراسي الجديد : طموحات تصارع الوضع الاقتصادي الصعب / علاء الماجد

مع بدء العام الدراسي الجديد يستعد اولياء امر الطلبة استعدادا ماديا لشراء القرطاسية والملابس والحقائب لاولادهم لتهيئتهم للعودة الى مقاعد الدراسة بعد انقضاء العطلة الصيفية التي استمرت 100 يوم، مع الاستعداد نفسيا ومعنويا لاستقبال العام الجديد وغرس المحبة في نفوس ابنائهم تجاه المدرسة لانهم سيقضون معظم وقتهم فيها. وهنا لابد من الاشارة الى عدة قضايا مهمة تتعلق بالتعليم في العراق،‏ وتحتاج إلى وقفة جادة ومسؤولة من جانب الحكومة ووزارة التربية ووزارة التعليم العالي، لتحقيق انتقالة في هذا القطاع الذي عانى كثيرا في ظل ظروف قاسية ومعقدة، حروب، وحصار، واحتلال، حتى اصبحت?العملية التربوية والتعليمية في العراق تسير على عكاز.
هذه الوقفة الجادة تتطلب تغييرالمناهج والكتب الدراسية بما يتلاءم والمتغيرات التي حصلت في العراق بعد العام 2003 اضافة الى تطوير امكانيات وقابليات المعلمين والمدرسين، وشمولهم بدورات تقوية وتحديث معلوماتهم بما يتلاءم والتطور الحاصل في اساليب التعليم في العالم. وهذا يتطلب إستراتيجية شاملة لإصلاح وتطوير التعليم في العراق. ومع بداية العام الدراسي الجديد تبرز مشاكل عدة، منها اوضاع واعداد المعلمين، والمناهج الدراسية والبنايات المدرسية , واستخدام التكنولوجيا الحديثة في عملية التعليم, حيث لاتزال الكثير من المدارس دون?مستوى الطموح، ناهيك عن المدارس الطينية في الكثير من القرى والارياف، والزخم الكبير في اعداد الطلبة، بحيث لاتستوعبهم المدارس الحالية، وتضطر التربية الى بقاء الدوام المزدوج الذي يؤثر بشكل مباشر على تطور ونجاح الطلبة:

جشع وغلاء

سمير يعكوب تحدث الينا عن معاناته عند بدء العام الدراسي الجديد قائلا: تتكرر معاناتنا كل عام مع بدء الدراسة، حيث لابد من تجهيز ابنائنا بالملابس المدرسية الجديدة والحقائب والاحذية والقرطاسية وبعض اللوازم الاخرى، مما يؤثر تأثيرا واضحا وكبيرا على دخل العائلة، كنا نتمنى بعد سقوط النظام المباد ان تتكفل الدولة مصاريف الطلبة بشكل او بآخر، اسوة بالدول الغنية والدول المتقدمة، ولكن للاسف الذي حصل ان اولادنا يعانون حتى هذه اللحظة من ازدواجية الدوام، وزيادة اعداد الطلبة في الصف الواحد، حيث تبلغ احيانا اكثر من 60 طالبا، ?تساءل الم يكن بإمكان الحكومة ان تبني مدارس، ومدارس نموذجية طوال السنوات العشر الماضية، ألم يكن بامكانها ان توزع القرطاسية على المدارس بشكل كامل وسليم وسريع؟ وتوزيع وجبة فطور أثناء الدوام على طلاب المرحلة الابتدائية. ويضيف سمير قائلاً " بالاضافة الى هذه المعاناة فاننا نواجه جشع التجار وتلاعبهم بالأسعار حسب مزاجهم، اذ يكلف شراء بنطلون وقميص وحذاء وحقيبة وملابس داخلية فقط بحدود (75) الف دينارتقريبا، كيف سيتصرف الاب الذي يعمل موظفاً ويتقاضى راتباً ضئيلاً، ولديه ثلاثة أو أربعة أولاد؟ اليست هذه الصعوبات تساهم بش?ل كبير في التسرب من الدراسة، او عدم الالتحاق بها اصلا.

تغيير المناهج

يقول الاستاذ احمد السوداني / مشرف تربوي، بخصوص تغيير المناهج التربوية : إن قضية تطوير المناهج التربوية والاهتمام بها يجب أن تشمل كافة المراحل الدراسية، وان تتواكب مع التطورات العلمية والاقتصادية والاجتماعية في العالم، بل يجب ان يتسم المنهج الدراسي بالدينامية والاستجابة السريعة لمجريات الاحداث الداخلية والخارجية, وهذه العملية يجب ان تكون شاملة و تبدأ من الروضة الى الجامعة. واضاف السوداني "ان هذه المهمة ليست بالسهلة ولا بالعسيرة كذلك، ويمكن الاستعانة بجميع الخبرات العراقية في هذا المجال، من اساتذة جامعيين، و?لماء، ومؤرخين، وحتى ادباء وفنانين". وأكد: ضرورة تشكيل لجنة عليا من وزارات عدة معنية بأمر التعليم في العراق لمراجعة واقع الابنية المدرسية والعمل على زيادتها بما يتناسب والاعداد المتزايدة للطلبة، وترميم البنايات المدرسية القديمة والمتضررة، والقضاء على المدارس الطينية والمتهرئة بشكل نهائي لانها تشكل عقبة كأداء امام تطور العملية التربوية، لان المدرسة هي البيت الثاني للتلميذ الذي لا غنى عنه لعملية التعليم وخلق جيل واع ومتعلم يسهم في تقدم وتطور البلد".

معايشة الابناء

محمد عبد الله خماس اب لثلاثة طلاب في مراحل دراسية مختلفة يقول : على الاباء ان يتعايشوا مع ابنائهم خلال الايام الاولى للدوام المدرسي، وان يشعروهم بضرورة الالتزام بالدوام والاستيقاظ المبكر، والنوم المبكر ايضا، وأن يغرسوا في نفوسهم المحبة والتعاون والتسامح مع الاخرين، وعدم التصرف باستهزاء وانانية مع الاخرين، واحترام الاساتذة واطاعتهم لانهم يعملون من اجل تعليمكم واعدادكم للمستقبل. واضاف خماس "ان من واجبات الاب مع بدء العام الدراسي أن يعلم إبناءه حب واحترام زملائه من الطلبة والتعاون معهم ومساعدتهم اذا ما احتاج?ا للمساعدة واحترام اختياراتهم ومواهبهم. والانتباه الى اوقات الفراغ التي يتمتع بها الابناء وكيف يقضونها خاصة مع انتشار كثير من مواد ووسائل التقنية الحديثة مثل الموبايلات والانترنت وغيرها.

الحانوت المدرسي

الطالب محمد علي بشير تحدث عن معاناة ما بعد الدوام قائلا: اننا نعاني من عدم الاهتمام بالحوانيت المدرسية، وهذه المعاناة تتكرر سنويا، وانا اتحدث عنها هنا لانها لاتقل اهمية عن المشاكل والمعوقات الاخرى، فهناك الكثير من الطلبة تعرضوا لحالات تسمم بسبب فساد بعض الاطعمة، والمعلبات منتهية الصلاحية، وذلك يعود لعدم وجود رقابة صحية على هذه الحوانيت، وبعض الادارات لاتهتم لهذا الامر وخطورته ولايهمها سوى الربح. واضاف محمد علي "هناك متعهدون باعوا في السنوات الماضية مواد فاسدة، ورغم ابلاغ الادارة فانها لم تتخذ اي اجراء، ان ?لحفاظ على صحة الطالب تتطلب اشرافاً ومتابعة من قبل الادارات المدرسية، وفحص المواد والاغذية التي يوفرها المتعهد للحانوت".

مقترحات

• تخليص المناهج الدراسية من اي مواد تثير النعرات الطائفية، والعمل الجدي من اجل تطوير المناهج باستمرار وعلى جميع المستويات، ومواكبة حجم التطور العلمي الذي يعيشه العالم، وترسيخ مفاهيم حقوق الانسان واحترام حقوق المرأة، وبما يخدم مفاهيم المواطنة والديمقراطية والسلام ووحدة الصف العراقي.
• تشريع القوانين التي من شأنها مساعدة الطلبة والتخفيف عن كواهل عوائلهم. تأهيل الأقسام الداخلية بغية توفير أفضل الأجواء الدراسية للطلبة والطالبات، وتوفير وسائل النقل إلى المرافق الدراسية، ولا سيما أن الوضع الأمني يغيب عنه الاستقرار.
• تقنين أجور الجامعات الأهلية، التي تتصاعد بشكل خيالي، مما يشكل حاجزا أمام العديد من الزملاء والزميلات الراغبين في إكمال دراستهم.
• ضمان الحريات الشخصية، وتوفير أقصى درجات الأمن للحرم التعليمي.

احصائية

حسب إحصائيات وزارة التربية، يبلغ العدد الكلي للمدارس الموجودة في العراق حاليا حوالي 20 ألف مدرسة لكافة المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية. وهناك حاجة ماسة في الوقت الحاضر لاستحداث أكثر من 6000 مدرسة جديدة وإعادة بناء ما يزيد على 1000 مدرسة مبنية من الطين وأخرى متهرئة