- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأحد, 22 كانون2/يناير 2017 19:40

أجرت صحيفة "القدس" الفلسطينية حوارا ضافيا مع عضو سكرتارية "لجنة الحملة الوطنية لمقاطعة إسرائيل
– BDS" القيادي في حزب الشعب الفلسطيني عصام بكر، في شأن الحملة وانشطتها والتحديات التي تواجهها. وجاءت حصيلة الحوار كما يلي:
شكلت قضية حركة مقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وهي المعروفة اختصارا بـ BDS احد الملفات التي شغلت اهتمام اوساط عديدة،وحازت على متابعة واسعة من قبل العديد من المؤسسات والدول، وتفاعلات لقطاعات هامة على امتداد العالم. وقد اثير حولها العديد من الاسئلة ودار جدل تراوح بين النقد والعداء من جانب، وبين التأييد والانخراط الواسع في حملاتها وانشطتها، بالرغم من الملاحقة والحملات المضادة التي شنتها اسرائيل دولة الاحتلال والاوساط المؤيدة لها، ولا تزال تواصل شنها بضراوة.
"القدس" التقت أحد نشطاء المقاطعة، وعضو سكرتارية اللجنة الوطنية التي تقود عالميا حركة BDS، وأجرت معه هذه المقابلة.
س: بداية هل لك ان تعطينا لمحة عن حركة BDS تشكلها،تركيبتها،وعملها؟
ج: حركة المقاطعة لاسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها المعروفة عالميا BDS هي اوسع الائتلافات في المجتمع الفلسطيني، وتضم كافة القوى السياسية والمؤسسات والاتحادات النقابية والنسوية والعمالية والاهلية والشبابية. وهي تمثل بهذا مظلة جامعة ينخرط في ظلها معظم مكونات المجتمع. وقد تأسست اواسط شهر تموز 2005 بعد صدور ما بات يعرف بـ "نداء المقاطعة " الذي وقعه اكثر من 172 مؤسسة واطارا وهيئة فلسطينية بمبادرة من شخصيات اكاديمية ومجتمعية فاعلة. وبعد الاجتياحات الاسرائيلية للمدن الفلسطينية، ثم ما تلاها من صدور فتوى لاهاي، ازدادت الحاجة لبناء ائتلاف عريض يضم هذه المكونات المظلاتية، والاحساس العالي بضرورة التحرك لمواجهة الاحتلال، خصوصا عبر المقاطعة الاكاديمية والثقافية، وصولا للمقاطعة الاقتصادية باعتبارها حقا طبيعيا لشعب يواجه مخططات الاقتلاع ومحو الهوية الوطنية والثقافية، وفي مواجهة رواية الاخر التي يحاول فرضها في تناقض مع سياق الحياة وايقاعها.
س: ولكن كان لحملات المقاطعة تمهيد قبل ذلك؟
ج: طبعا، فحركة المقاطعة هي امتداد لتاريخ طويل من النضال الوطني للشعب الفلسطيني، وتأسيسها يسبق بكثيرالعام 2005 عبر محطات مهمة تعود لثلاثينات القرن الماضي، التي شهدت مقاطعة للمستعمرات الصهيونية،وتواصلت حتى السبعينات والثمانينات وان كانت بصورة متقطعة ويغلب عليها الطابع غير المنظم احيانا، وقد شملت دولا عديدة ومؤسسات واحزابا وقبلها حركات ولجان التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني.
ولكن مع اطلاق نداء المقاطعة والتوافق على منهجية عمل ورفع درجة التنسيق والتعاون بين مختلف الاجسام غدت حركة المقاطعة اكثر ديناميكية وتاثيرا واتسعت بطريقة ملموسة دائرة الحراك في الاوساط والقوى المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، واعتمدت بالاساس التراكمية وانتهاج اسلوب مبني على الخطط وادوات العمل المؤثرة، التي اثبتت التجربة نجاعتها. فتم استهداف شركات،بنوك،مؤسسات،جامعات وهو ما احدث نقلة نوعية عالميا،واضحت المقاطعة اليوم حركة واسعة ذات امتداد شعبي وبات يستحيل وقف امتدادها،واستمرت النجاحات بالرغم من الحملات التي تشن ضدها ومحاربتها بشتى الطرق والاشكال.
س: كيف تعمل حركة المقاطعة؟
ج: هذا سؤال مهم. تعتمد حركة المقاطعة على روح التطوع والمشاركات والمبادرات التي تطلقها احزاب وقوى يسارية وتقدمية مساندة بالاساس لحقوق شعبنا في تقرير المصير والاستقلال والعودة، وتشمل ايضا برلمانات،مؤسسات اهلية، قطاع خاص، واتحادات شعبية،وتقيم منهجية عملها على اساس الحقوق وليس الحلول، بمعنى لم تطرح حركة BDS حتى الان حلولا او مواقف محددة، وهي تستند في عملها على مباديء القانون الدولي،والمواثيق والقرارات الدولية. ومن هنا تاتي اهمية عملها في خلق تحالفات تجمع من جهة بين المؤسسات والجماعات والاحزاب، وبين افراد واتجاهات رسمية كالبرلمانات، لتحقيق اختراقات واسعة في مجالات تتسم بالصعوبة، والعمل فيها كالحركة بحقول الغام وفي ظروف بالغة الدقة، مثل الشركات والبنوك التي يتطلب العمل فيها واستهدافها جهودا وفترات زمنية اطول. والعمل عموما يتطلب طاقات كبيرة لكشف زيف المزاعم الاسرائيلية التي تتهم المقاطعة باللاسامية، وتارة اخرى باننا نحاول نزع الشرعية عنها، ضمن حالة تخبط في اوساط دوائر الامن والساسة في اسرائيل، الذين نقلوا ملف المقاطعة من وزارة الدفاع لوزارة التخطيط الاستراتيجي، بعد ان كانت الخارجية هي الجهة المكلفة بالمتابعة. وباعتقادي ان تنامي حركة المقاطعة وازدياد التأييد العالمي لها دليل جديد على عقم المعالجات الاحتلالية، وعلى نضوج موقف عالمي بات اكثر اقتناعا بالخطر الذي تمثله اسرائيل كدولة احتلال على الامن والسلم الدوليين، وهي تصر على بناء نظام فصل عنصري يفوق بكثير المعاناة التي خلفها نظام الفصل في جنوب افريقيا. وهو يكشف الوجه الحقيقي لاسرائيل التي تقوم بجرائم حرب منظمة ضمن سعيها المتواصل لاقتلاع الشعب الفلسطيني، عبر سياسات التطهير العرقي التي تمارسها في القدس والاراضي الفلسطينية وضمن محاولاتها الرامية لفرض الحلول من جانب واحد، في فصل يتنافي مع القانون الدولي والمواثيق الدولية التي تحترم حق الشعوب في تقرير مصيرها.
س: ماهي ابرز نجاحات المقاطعة؟ وما هي خططها المستقبلية؟
ج: كما اسلفت سابقا هناك مجالات عمل كثيرة وواسعة للمقاطعة فهي لا تقتصر على مجال بعينه وتشمل مستويات عديدة، ضمن عمليات التقييم التي نجريها بين فترة واخرى، والمراجعات لاعتماد تكتيكات جديدة او تنظيم حملات محددة بما لا يمس الاساس الذي يحدد اولويات عملنا. ولم يعد خافيا ان المجالات الاساس تتركز على تطوير المقاطعة المحلية بكل ما تحتاج، باعتبارها الركن الاهم – فلا يعقل ان تكون هناك نجاحات عالمية غير مسبوقة باعتراف اسرائيل نفسها، بينما على المستوى المحلي النتائج تراوح مكانها وهذا تقصير كبير وينبغي وضع الاليات المناسبة لتطوير الفعل محليا بما في ذلك الضغط لتنبي المقاطعة رسميا، على غرار القرار بمقاطعة منتجات المستوطنات تنفيذا لقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير في دورته الاخيرة، واتخاذ خطوة واضحة بالمقاطعة ووقف الاتصالات واللقاءات مع الاطراف المختلفة في اسرائيل دولة الاحتلال، التي تواصل انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي،بما فيها التطبيع بكل اشكاله ومسمياته. وفي هذا الاطار اود الاشارة الى استمرار المسعى والضغط من اجل بلورة استراتيجية جديدة مغايرة للمقاطعة، وصولا الى اوسع حملات التوعية والتثقيف في المدارس والجامعات وبين ربات البيوت، لتكون المقاطعة ثقافة يومية ضمن وضع طبيعي لشعب تحت الاحتلال يتم فيها تحريم التعاطي مع منتجاته باعتبار ان المقاطعة هي احد اشكال المقاومة الشعبية. اما المجال الثاني فهو المقاطعة العربية وهي ساحة لا تقل اهمية عن المقاطعة المحلية وهي ساحة صراع بالغة الاهمية بالنسبة لنا. فمحاولات الاحتلال خنق المقاطعة عبر التغلغل في العالم العربي سواء بالاتفاقات الاقتصادية، او التبادل الثقافي والشبابي او غيرها من اشكال التطبيع، هي محاولة بائسة لضرب الخاصرة الضعيفة مستفيدة من التحولات والمتغيرات الجارية في العالم العربي بحيث توفر فرصة نادرة لها لضرب الموقف العربي المساند لشعبنا، واحداث اختراق من شأنه ضرب المقاطعة. ورغم ذلك هناك نجاحات ملموسة ومتواصلة سواء في دول الخليج او المغرب العربي والاردن ولبنان، وتتسع المشاركات في انشطة المقاطعة بانضمام نقابات ومؤسسات واحزاب رفضا لكل اشكال التطبيع والعلاقات مع دولة الاحتلال.
اما المجال الثالث وهو المستوى الدولي فقد بات العالم كله اليوم ملعبا واسعا للصراع والمواجهة مع ماكنة الاعلام الاحتلالي والابواق التي تساندها، من قوى يمينية متطرفة ولوبيات مؤيدة لاسرائيل كما في الولايات المتحدة وكندا واستراليا. ودعني اشير بصراحة الى نجاحات واسعة في هذه الدول ايضا بالمقابل: مجالس طلبة وبنوك وكنائس وشركات اتخذت خطوات واضحة تجاه تاييد المقاطعة، باعتبارها حقا وكذلك لانهاء تعاقدات وسحب استثمارات من بنوك وشركات متواطئة مع الاحتلال. وليس ادل على هذه النجاحات من حالة الهستيريا التي تسود دوائر صنع القرار في اسرائيل، وحملات الملاحقة ومنع السفر للنشطاء بالاستدعاء والاعتقال،ومشاريع القوانين التي تسن لتجريم من يؤيد المقاطعة. في الولايات المتحدة مثلا هناك مشاريع قوانين في عدة ولايات لملاحقة النشطاء ونحن نعتبر هذه المحاولات جزءا من ارهاب فكري وخروجا فظا على قوانين تعتبر المقاطعة حقا طبيعيا يكفله القانون في دول تتغنى بالديمقراطية.
س: ما هي ابرز النجاحات التي تحققت خلال العام 2016؟
ج: زفت حركة المقاطعة قبل فترة وجيزة اعلان شركة G4S المتخصصة بالامن والتي تقوم بتزويد سجون الاحتلال والمستعمرات في الاراضي الفلسطينية المحتلة بانظمة الحماية. فبعد سلسلة ضربات من قبل نشطاء المقاطعة وتكبد الشركة خسائر فادحة، اعلنت عزمها على انهاء جميع تعاقداتها مع دولة الاحتلال وانسحابها بشكل كامل من العمل في اسرائيل، وهذا انجاز هام. كذلك تكبدت شركة فيولا خسائر كبيرة،ومثلها شركة صودا ستريم التي تعمل في المستوطنات القريبة من القدس المحتلة،وقيام احد اهم المصارف الهولندية بسحب الاستثمارات من بنوك اسرائيلية متورطة في دعم المستعمرات المقامة في الضفة الغربية،ناهيك عن انضمام كنائس كبيرة في اميركا ومجالس طلبة في كندا. هذه بعض النجاحات بصورة سريعة اوردها بالرغم من الميزانيات التي خصصت والحملات الاعلامية التي حاولت رسم صورة مرعبة للمقاطعة، ووصفها بانها تمثل خطرا وجوديا على اسرائيل. اما عن النجاحات الاخرى فتتمثل بقيام شركة اورانج العالمية بتعليق استثماراتها في الاراضي المحتلة،ثم شركة C H الايرلندية وهي ثاني اكبر شركة اوروبية لها استثمارات لدى دولة الاحتلال. فيما اعلنت مقاطعات ومناطق واسعة في اسبانيا مناطق خالية من الفصل العنصري الاسرائيلي منها غران، كناريا، وسانتا. وعلى المستوى الاكاديمي تم تحقيق نجاحات كبيرة في ايطاليا والبرازيل وكولمبيا، وداخل الولايات المتحدة نفسها على الرغم من الملاحقات، كذلك اعلان اكثر من كنيسة ومنها الكنيسة المنهجية التي سارعت لسحب استثمارتها من البنوك الاسرائيلية المتورطة في تمويل الاحتلال، فيما اعلن تحالف الكنيسة المعمدانية ايضا سحب الاستثمارات من الشركات المستفيدة من الاحتلال،وتبعها تصويت طلاب جامعة شيكاغو لصالح المقاطعة، ثم تصويت خريجي جامعة نيويورك باغلبية كبيرة للالتحاق بحملات مقاطعة اسرائيل. وهذه بمجملها نجاحات غير مسبوقة لصالح المقاطعة داخل الولايات المتحدة، تكللت بعد جهود ايضا بدعوة الهيئة العامة للكنيسة المشيخية لاعادة النظر في الدعم العسكري لاسرائيل وحق المقاطعة لها.
هذه امثلة سريعة واستعراض عام للقفزات التي حققتها المقاطعة في العام 2016 وهي مؤشرات على القفزة النوعية التي شهدتها حركة المقاطعة في ظل تجنيد حكومات ومؤسسات داعمة للاحتلال والملاحقات والحظر ومنع النشاط، كما يحدث في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وكندا وغيرها،وتنامي حركة المقاطعة التي اصبحت عابرة للقارات وانعكست في دول كثيرة في افريقيا وحملات المقاطعة في جنوب افريقيا تحديدا، فيما توسعت ايضا وامتدت لتصل الى تشيلي والهند ودول اوروبية عديدة، ردا على جرائم الاحتلال والانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي وتردي حالة حقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية ومنها التعامل مع الاسرى، هدم المنازل، والحروب الاجرامية ضد قطاع غزة بما فيها عدوان العام 2014 والحصار الظالم المتواصل على القطاع.
س: وماذا على صعيد اللجنة الوطنية لمقاطعة اسرائيل ووضعها الداخلي؟
ج: على مستوى اللجنة الوطنية التي تقود حركة المقاطعه العالمية يمكنني الاشارة الى المؤتمر الخامس تحت شعار "عشر سنوات من البناء والتحدي " الذي انعقد برام الله بمشاركة شخصيات عالمية بارزة وشخصيات وطنية ومجتمعية، وكان بمثابة تظاهرة عالمية للرد على سياسات الاحتلال ومحطة مهمة للتقييم ومعرفة مواطن الخلل واصلاحها، واكدت التوصيات التي صدرت عنه اهمية تقسيم العمل وفق لجان متخصصة بينها تداخل وتقاطع مهم ويقودها مركز قيادة الحركة من خلال الهيئة العامة التي تمثل الاغلبية الساحقة للمجتمع. ويجري التوافق على سكرتاريا لقيادة العمل والتوجيه، وجرى تقسيم العمل فعلا بين اللجان المحلية والعربية والدولية وتوسيع طاقم العمل التنفيذي ليحاكي تطور الحركة وامتدادها العالمي. كما يمكن القول ان الخطط التي وضعت وبدأ العمل بتنفيذها على صعيد التحرك المستقبلي لمواجهة التحديات ومراكمة الانجازات التي تحققت وبذل جهود لوضع العربة على طريق احداث نقلة نوعية على غرار ما جرى مع النظام البائد في جنوب افريقيا. وهنا لا بد من الاشارة الى ان اوساطا كثيرة، ومنها حلفاء تاريخيون لاسرائيل، باتت تتحدث عن ان المساحة تتقلص امام استمرار الدفاع عن اسرائيل، في ظل ما تمارسه من اجراءات عنصرية وحرب ابادة تجاه الشعب الفسطيني، الامر الذي سيجعل من المستحيل استمرار التاييد المطلق لها. ومن شان رفع الغطاء الدولي وخلخلة منظومة الحماية والتحالفات القائمة ان يبشر بانبلاج مرحلة جديدة تتسم بتوسيع القاعدة المؤسسية والشعبية المؤيدة للمقاطعة وجعلها ظاهرة عالمية مترابطة وعصية على الكسر.
س: ما هي خططكم للمستقبل؟
ج: نحن حركة سلمية مدنية لا عنفية تمارس عملها بشكل طوعي وتعتمد على مساعدات الاصدقاء افرادا ومؤسسات وجمعيات،وتمارس الانشطة وفق القانون الدولي ومباديء حقوق الانسان. ولا نذيع سرا ان قلنا ان عملنا سيرتكز على عدة جوانب جنبا الى جنب، اولها توسيع الحراك على مستوى العالم لتعميق فلسفة المقاطعة وتدويلها بكل معنى الكلمة لمواجهة اجراءات الاحتلال وحملات التشويه والتهديدات التي يتعرض لها نشطاء المقاطعة، ومحاولات اسرائيل الرامية الى التضييق ومحاصرة اللجان العاملة. وهناك اتجاهات محددة سيجري العمل عليها وسترسم معالم الانشطة المقبلة بصورة اوسع واكثر كثافة.
المسألة الاخرى هي نقل المقاطعة من انشطة وفعاليات هنا وهناك الى فضاء العمل الممنهج وعبر سياسات ونتائج يتم احرازها بالمزيد من النجاح. والبعد الثالث يتمثل في التقييم واستخلاص العبر من الوضع الحالي والفترة السابقة، حيث تم التوافق على سكرتاريا جديدة قبل عدة اشهر وهي امام اختبار حقيقي في حضورها ودفع الحركة نحو المزيد من الانجازات.
وبصراحة من المهم بعد 10 سنوات اجراء مراجعة نقدية على مستوى الهياكل واللجان، وحتى الوثائق والبنى وطرق العمل من زاوية الاتساع الكبير. فحركة المقاطعة اليوم يلتف حولها عشرات الفعاليات والائتلافات والاف النشطاء، ومن شان تطوير عملها معالجة القصور الذي يعتري بعض الجوانب، ليساهم في تعزيز العمل وفق رؤية محددة. فالحركة تبني اساس عملها على الحقوق وليس الحلول، ولكن مرجعيتها وعملها الناظم هو فلسطيني تقوده اللجنة الوطنية، مع الحفاظ على التنوع والاختلاف داخلها، وارساء قواعد تعتمد على الشراكة والتعاون والانسجام الداخلي بما يضفي مضامين متجددة ومفيدة على اوسع حركة للشعب الفلسطيني.
كلمة اخيرة؟
ربما لا يمكن الحديث عن المقاطعة بمعزل عن تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، وهذا يجعل الحديث في مقابلة او اختصار تاريخ المقاطعة في عجالة، مهمة صعبة التحقق. فهناك اتساع ونجاحات يومية يصعب احيانا مواكبتها، لكن الاهم هو ان التجربة والحياة زكت المقاطعة كخيار، وتؤكد صحة مسارها وقوة تاثيرها، وباتت حركة تقض مضاجع الاحتلال وتخصص لمواجهتها مئات ملايين الدولارات ويتم وضعها على قدم المساواة مع الملف النووي الايراني. وهي بالفعل حركة وعنوان عمل وستفشل اسرائيل مهما سخرت من امكانات لحصارها لانها استنفذت كل ما جعبتها فعلا وفشلت فشلا ذريعا. فهي لم تستطع وقف اتساع حملات المقاطعة ولم تستطع محاصرة انتشارها الذي تجاوز كل التوقعات.
اليوم اصبح العالم كله ملعبا مباشرا وعلنيا لمعركة محتدمة بين ارادة الشعوب واحرار العالم، وبين الطغم والانظمة الشمولية للعولمة وارهاصاتها، طغم الفاشية والعنصرية.
لكن الانتصار سيكون حليف الشعوب المقهورة. ربما تطول المعركة قليلا ولكن ما من شك في اننا سننتصر.