مدارات

صندوق النقد الدولي: الاقتصاد المصري يدخل العناية المركزة

متابعة – طريق الشعب
أعلن صندوق النقد الدولي أخيرا تفاصيل الاتفاق المبرم بين الصندوق والحكومة المصرية. وسببت شروط الصندوق المعلنة حرجا كبيرا لحكومة الرئيس السيسي. وأشارت الوثيقة إلى اربعة مسائل رئيسة هي:
أولا: الاتفاق بين الحكومة والصندوق على خفض الدعم الحكومي للنفط ومشتقاته ة ليصل في عامي ٢٠١٨ - ٢٠١٩ إلى ١٩ مليار جنيه، من إجمالي قيمته البالغة في ٢٠١٦ - ٢٠١٧ قرابة ٦٢,٢ مليار جنيه. أي أقل من الثلث، وهو ما يعني أن أسعار هذه المواد الضرورية سترتفع بشكل هائل، حيث أن البديل الوحيد أمام الحكومة لخفض الدعم هو تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي و رفع الأسعار، خاصة أن أية زيادة في الإنتاج لم تتحقق كبديل لرفع الاسعار. كما أن ارتفاع الاسعار لتخفيض الدعم سوف يكون كبيرا للغاية، لكي تتمكن الحكومة من تحقيق المعدلات المطلوبة حسب الاتفاق مع الصندوق، وبخاصة في ظل ارتفاع تكاليف استيراد المشتقات النفطية، التي تستوردها مصر من الخارج لتغطية الاحتياجات الأساسية، في ظل ارتفاع سعر الدولار إلى أكثر من الضعف، وما يتوقع من الارتفاعات لأسعار النفط عالميا بعد قرار دول منظمة الأوبك تخفيض الإنتاج لرفع الأسعار.
ويذكر أن أسعار الوقود ارتفعت بنسبة 46 في المائة بعد تحرير سعر الصرف في 3 تشرين الثاني الماضي، وهو ما تسبب في المزيد من المعاناة للمواطنين، فيما المستهدف وفقا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي، هو رفع الدعم كاملا عن مواد الوقود بأنواعه، ما يعني أن المواطن المصري سوف يتحمل التكلفة بنسبة مائة في المائة خلال السنوات المقبلة.
ثانيا: وتضمن الاتفاق كذلك، رفع الدعم الكامل عن الكهرباء بحلول عام 2020، وهو ما يعني تحديد أسعار الكهرباء وفقا لسعر التكلفة. وذلك يؤشر إلى أن الأسرة المصرية سوف تتحمل بعد ثلاث سنوات التكلفة الكاملة مع عدم رفع المرتبات أو توفير موارد تسهم في رفع مستوى معيشة المصريين.
ثالثا: كشفت الوثائق التي أعلنها صندوق النقد الدولي أن الحكومة المصرية وافقت على تطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية في موعد لا يتجاوز السنة المالية 2017 - 2018. وما إن جرى الكشف عن هذا الأمر حتى انهارت البورصة المصرية في غضون ساعات، وحققت خسائر بلغت أكثر من 19 مليار جنيه خلال يوم واحد، ما حدا بالرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الدعوة إلى اجتماع عاجل برئيس الحكومة والوزراء المعنيين ورؤساء الأجهزة المعنية، واتخاذ قرار بتأجيل تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة ٣ سنوات بعد انتهاء موعدها المحدد في محاولة لإنقاذ البورصة من الانهيار، وأيضا لتشجيع المستثمرين.
رابعا: ما كشف عنه الرئيس التنفيذي لصندوق النقد حين قال إنه فوجئ بأن حجم انخفاض الجنيه المصري كان أكثر مما كان متوقعا، اي أن الحكومة المصرية لم تدرس بشكل حقيقي الآثار المتوقعة لاتفاقها مع صندوق النقد على العملة الوطنية
وفوق كل ذلك، فقد كان من أخطر ما توقعه رئيس بعثة الصندوق هو الارتفاع المتوقع لحجم الديون الخارجية على مصر من حوالي 60 مليار دولار حاليا إلى 66 مليار دولار مع نهاية العام الحالي 2017، وإلى 102,4 مليار دولار بحلول العام 2020
هذا التوقع يجسد حالة التردي التي سيبلغها الاقتصاد المصري، حيث كان من المأمول تحسن أحوال الاقتصاد المصري على ضوء الاتفاق مع الصندوق، والحصول على قرض بـ 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات. غير أن كل ما تحقق حتى الآن يؤكد أن الاقتصاد المصري ما زال في غرفة العناية الفائقة.
ورغم اهمية ما تم الكشف عنه، إلا انه يمثل في الواقع نسخة قديمة من وصفات الصندوق التي تنكشف عورتها بوضوح إذا تعلق الأمر ببلد يعاني أزمة اقتصادية مستمرة، كما هو الحال في مصر.