مدارات

إحتفال مهيب في لشبونة بمناسبة مئوية القائد الشيوعي البرتغالي والأممي ألفارو كونهال

شهدت العاصمة البرتغالية لشبونة احتفالاً مهيباً نظمه الحزب الشيوعي البرتغالي عصر الأحد 10 تشرين الثاني 2013، وسط لشبونة، بمناسبة مئوية القائد الشيوعي البرتغالي والأممي الفارو كونهال.
اُقيم الاحتفال بعد اختتام اعمال الاجتماع العالمي الـ15 للأحزاب الشيوعية والعمالية في لشبونة. ودعيت لحضوره الوفود التي شاركت في الاجتماع.
وعند وصول الضيوف الى ساحة "كامبو بكوينو"، كانت جماهير غفيرة تتوجه الى مكان الحفل وهي تحمل أعلاماً حمراء وتردد هتافات الحزب الشيوعي البرتغالي، تتصدرهم وفود الشبيبة الشيوعية ولافتاتها.
المكان الذي اُقيم فيه الحفل هو مبنى تاريخي ضخم يتوسط الساحة، وشُيّد أصلاُ في أواخر القرن التاسع عشر ليكون حلبة لمصارعة الثيران. واستلهم تصميم هذا المبنى الشهير، بأبراجه الأربعة، فن العمارة العربية القديمة. وبعد تجديده في 2006، اصبح يستخدم ايضاً كقاعة ضخمة لحفلات الفرق الفنية والفعاليات الجماهيرية.
وبينما كان ضيوف الحفل، من وفود الاحزاب الشيوعية والعمالية، يحتلون مقاعدهم في الأماكن المخصصة لهم، كانت أعداد غفيرة من الشيوعيين البرتغاليين تتدفق على القاعة حتى غُصّت بهم فيما كانت أعلامهم الحمراء ترفرف في ارجائها، وسط أجواء حماسية. ولقيت وفود الشبيبة الشيوعية استقبالاً حاراً عند دخولها الى القاعة وانتشارها امام المنصة الرئيسية للحفل.
واشادت كلمة افتتاح الحفل التي ألقتها الرفيقة لويزا اروجو، من سكرتارية اللجنة المركزية، بالمسيرة النضالية للقائد الشيوعي البارز ألفارو كونهال. واستذكرت دوره في مقارعة الدكتاتورية الفاشية وتطوير العملية الثورية، ومآثره في ظروف العمل السري وفي السجون وشجاعته السياسية.
وجاء في الكلمة عن كونهال انه "كان شيوعياً، مفكراً، وفناناً ... ما تزال كلماته تحتفظ بحيويتها: أن لا نفقد هويتنا، وأن لا ننسى دورنا في خدمة شعبنا ووطننا .. المثل الشيوعي هو مشروع المستقبل، وإن تحقيقه يتحقق عبر التأمل والنقد والنضال، للانتقال من الحاضر الى المستقبل..". وذكّرت بقول كونهال ان "متعة الحياة والنضال تنبع من القناعة بأن قضيتنا عادلة، ولا تقهر، وستنتصر".
توالت بعدها الفقرات الفنية المميزة للحفل التي كانت وقائعها تُبث على شاشة عرض كبيرة. وساهم بتقديمها مغنون مشهورون وفرقة "فيكتور جارا". وكانت كلمات إحدى الأغاني عن الحب أيام الحرب والعمل السري في البرتغال، وهي أغنية من جزر الأزور البرتغالية كانت محظورة في عهد دكتاتورية سالازار الفاشية. وشاركت مغنية شابة مع مغنٍ شهير في تقديم اغنية حول السجناء السياسيين وأخرى حول لحظات من نضال الشعب البرتغالي.
وخلال الحفل، رفعت لافتتان كبيرتان على جانبي القاعة، بطريقة مبدعة.. فقد تابع الجمهور عرض اجزاء كل شعار، حرفاً بعد آخر، حتى اكتماله. كان الشعار الأول: "عاش التضامن الأممي". أما الثاني، فهو: "حوّلوا الحلم الى حياة". واُستقبل الشعاران بهتافات حماسية والتلويح بالاعلام الحمراء. وخلال ذلك قرأ عريف الحفل اسماء بلدان الاحزاب الشيوعية والعمالية التي شاركت في الاجتماع العالمي بضيافة الحزب الشيوعي البرتغالي والتي حضر ممثلوها الحفل. وكان الجمهور يصفق بحرارة بعد إعلان اسم كل بلد.
وتناولت الكلمة التي القتها كريستينا كاردوسو، سكرتير منظمة الشبيبة الشيوعية وعضو اللجنة المركزية للحزب، مشاكل البطالة وسط الشباب. وقالت ان كونهال انتمى الى الحزب وعمره 17 عاماً، وانه "عاش شيوعياً ومات شيوعياً". واضافت "يجب ان نناضل من اجل انتصار اهداف ثورة (نيسان) 1974"، التي تحل ذكراها الأربعين السنة القادمة.
واختتم برنامج الحفل بكلمة حماسية ألقاها الرفيق جرينيمو دي سوزا، السكرتير العام للحزب الشيوعي البرتغالي. وجاء فيها: "في مئوية كونهال نتعهد بمواصلة مسيرته.. لقد كان مثالاً على الشجاعة والشرف". كما ذكر ان كونهال كان "فناناً وكاتبا وروائياً". ويشار الى ان دي سوزا كان صديقاً شخصياً لألفارو كونهال.

الشيوعية – الوطنية – الأممية

وحيّا دي سوزا في كلمته مندوبي الاجتماع العالمي الـ15 للأحزاب الشيوعية والعمالية، مرحباً بهم في البرتغال. وقال "نؤكد تضامننا معكم أياً كان البلد والمكان". وتخللت الكلمة مراراً عبارات الشيوعية – الوطنية – الأممية".
وأشار دي سوزا الى انه "في 1970، رغم اننا كنا نعيش تحت الحكم الفاشي، تمكنا من بناء النقابات". وتحدث عن اوضاع العمل النقابي في الظروف السرية.
وحول الأوضاع الحالية في البرتغال، قال "ان الشعب البرتغالي هو وحده الذي يحل مشاكله". واضاف انه "في المرحلة الراهنة نناضل من اجل "الديمقراطية المتقدمة" في ظروف الرأسمالية استناداً الى الماركسية اللينينية". وانتقد بشدة سياسات الحكومة اليمينية وتواطؤ الحزب الاشتراكي معها، قائلاً "يجب ان نعلن الحرب على الحكومة. هذا هو السبيل الوحيد لانتصار اليسار". ودعا الى التصدي لاملاءات "الترويكا" (اللجنة الثلاثية التي تضم المفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي) وبناء بديل وطني ويساري. ومن المقرر ان ي?ون يوم 26 تشرين الثاني الجاري "يوم احتجاج وطني" تنظمه النقابات البرتغالية، وقد يصبح "اضراباً عاماً".
وبعد اختتام كلمته، التقى الرفيق دي سوزا، السكرتير العام لـ"الشيوعي البرتغالي"، وفود الاحزاب الشيوعية والعمالية التي حضرت الحفل وتبادل معها أحاديث ودية.

 

الفارو كونهال: قائد شيوعي بارز .. وفنان وأديب

• ولد في 10 تشرين الثاني 1913 في بلدة كويمبرا، وكان والده محامياً.
• درس القانون في جامعة لشبونة حيث انتمى في 1931 الى الحزب الشيوعي الذي كان حينها تنظيماً محظوراً.
• أُنتخب سكرتيراً للشبيبة الشيوعية في 1935.
• انضم الى اللجنة المركزية للحزب في 1936 عندما كان يبلغ من العمر 24 عاماً.
• اُعتقل للمرة الأولى في 1937 وأمضى عاماً في السجن.
• نشط في العمل السري في الفترة 1941-1949، واصبح القائد الفعلي للحزب الشيوعي بعد استشهاد زعيمه بينتو غونزالفيس تحت التعذيب.
• اعتقل في 1949، وأمضى تسع سنوات في السجن الانفرادي. وبقي في سجن "بنيشيه" الحصين حتى حادثة هروبه الشهيرة مع تسعة من رفاقه في 1960.
• انتخب سكرتيراً عاماً للحزب في 1961. وعاش في المنفى في موسكو وباريس حتى "ثورة القرنفل" السلمية في نيسان 1974، بقيادة ضباط "حركة القوات المسلحة"، التي أنهت أربعة عقود من دكتاتورية سالازار وحكومة كيتانو الذي خلفه في الحكم في 1968.
• تولى بعد الثورة منصب وزير بدون حقيبة وزارية في أربع حكومات مؤقتة خلال الفترة 1974-1975. اُنتخب الى البرلمان في 1975، واُعيد انتخابه في ست دورات برلمانية، وبقي نائباً الى 1991.
• واصل عمله في قيادة الحزب الى 1992.
• كان مؤلفاً لعدة أعمال روائية ومجموعات قصص قصيرة نشرت تحت اسم مستعار، وهو ما كشفه كونهال في 1994. وأشهرها رواية "خمسة أيام، خمس ليالي" التي انتجت كمسلسل تلفزيوني في 1996. كما نشرت له رسومات كان قد أنجزها خلال الفترة التي أمضاها في السجن. وترجم مسرحية "الملك لير" لشكسبير بصورة سرية في السجن، ونُشرت الترجمة في المرة الأولى تحت اسم نسوي مستعار. وفي 2002 نُشرت تحت اسمه الصريح، بعدما أصبح وجهاً معروفاً في الأوساط الأدبية.
• توفي في لشبونة في 13 حزيران 2005، عن عمر يناهز 91 عاماً.