المنبرالحر

تقارير ( هيئة النزاهة ) توفر موجبات الغائها ..!/ علي فهد ياسين

تضمن التقرير نصف السنوي لـ ( هيئة النزاهة ) أرقام ومؤشرات عملها ونتائجه في الستة أشهر المنصرمة، ولم يخرج التقرير عن سابقاته في كم ونوع الاستهتار بالقوانين والتعليمات التي تُلزم المسؤولين العراقيين بالكشف عن ذممهم ، مثلما يؤشر للضعف الواضح لأداء الهيئة لمهماتها المرسومة في القانون .
الأرقام التي أعلنتها الهيئة في مؤتمرها الصحفي يوم أمس ، تشكل صورة واضحة لا تقبل اللبس عن أحد أهم أسباب الخراب العام الضارب في المؤسسات العراقية ، وهي في مجموعها ومضامينها لا تشكل مشهداً صادماً للعراقيين ولا للمراقبين الاجانب ، فقد أحتل العراق ذيول قوائم المنظمات العالمية المعنية بكشف الفساد وتبويب اسبابه وأدواته وظروفه ، وهي أرقام تدين الهيئة أولاً قبل أن تدين المسؤولين عنها ورؤوس السلطات التي لم تحاسب الممتنعين عن تنفيذ واجباتهم الملزمة قانوناً، فقد تحولت الهيئة الى هياكل ادارية لا يخشاها الفاسدون .
دعونا نعرض بعضاً من الأرقام الصادمة التي وردت في التقرير ، فمن بين ( 325 ) نائباً في البرلمان العراقي المنتهية دورته ، لم يقدم استمارة كشف الذمم سوى ( 190 ) منهم ، ومن بين ( 15 ) محافظاً لم يقدم سوى ( 6 ) منهم ، ومن بين ( 15 ) رئيس مجلس محافظة لم يقدم سوى ( 7 ) منهم ، ومن بين ( 472 ) عضو مجلس محافظة لم يقدم سوى ( 192 ) منهم ، ومن بين ( 30 ) وزير لم يقدم سوى ( 25 ) منهم .
أذا كانت قوانين ( هيئة النزاهة ) تشمل المسؤولين الكبار في السلطات العراقية تحديداً، وهم الذين أقترحوها وصاغوها وصوتوا عليها وأقروها ، فلماذا لم يلتزموا بها ؟ ، هل يوجد في قواميس اللغة تعريفاً آخر غير الاستهتار يوصف امتناعهم عن الالتزام بها ؟ ، وما قيمة أن يوهموا الشعب بعناوين مؤسسات ساندة للديمقراطية أذا كانوا أصلاً لا يعترفون بأنشطتها ؟ .
العنوان الأخر في مؤتمر ( هيئة النزاهة ) كان أجراءات الهيئة لأسترداد ما وصفته بـ ( الأموال المنهوبة ) ، التي أحصتها برقم ( 114110480500 ) ترليون وأربعة عشر مليار ومائة وعشرة ملايين وأربع مائة وثمانون ألف وخمسمائة دينار عراقي ، فيما أشار التقرير الى أن مقدار المبالغ التي أستردتها الهيئة هو ( 2787190140 ) ملياران وسبعمائة وسبعة وثمانون مليون ومائة وتسعون الفاً ومائة وأربعون ديناراً عراقياً فقط !.
أي أن ( هيئة النزاهة ) استعادت من الاموال المنهوبة أقل من ( 0.003) ثلاثة بالألف ! ، وهذه النسبة البائسة كانت حصيلة عمل عشرة أعوام ، لذلك نحن ندعو الهيئة لأعلان تفصيلي بتكاليف هيكلها الاداري وأنشطتها التي تضمنتها تقاريرها السنوية ومخصصاتها المالية وتكاليف أبنيتها الخدمية وآلياتها المستخدمة ، لنقارن بين الارقام حسابياً للوصول الى نتائج تفرضها الشفافية الحاكمة لأنشطة الحكومات التي تدعي الديمقراطية !.
نحن على يقين بأن هذه المؤسسة تأكل من أموال الشعب أكثر بكثير مما يدعي مؤسسوها والقائمون على أدارتها والمستفيدون من وجودها ، وهي منذ تأسيسها تدور في حلقة مفرغة من الأداء ، وتضر أكثر مما تنفع ، وتساهم بشكل ممنهج في منظومة التضليل المعتمدة من أطراف السلطة ، لتمرير برامجها ، التي أثبتت الوقائع على الارض أنها عناوين للفشل السياسي والاقتصادي الممنهج منذ سقوط الدكتاتورية .
أذا كان قرار سلطات المنطقة الخضراء بحكوماتها المتعاقبة هو استمرار ما يسمى بـ ( هيئة النزاهة ) في عملها ضمن هياكل الفشل الاداري والسياسي الذي أفرزته المحاصصة الطائفية التي دمرت العراق ، فاننا نقترح على الحكومة الجديدة ألغائها أو تغيير عنوانها الى ( هيئة متابعة الاستهتار بالقوانين ) ليكون ملائماً لنشاطها العبثي ، مثلما هو نشاط باقي مؤسسات المحاصصة الخادمة لأجندات السياسيين ، على حساب دماء العراقيين وأمانيهم المؤجلة منذ عقود .