مجتمع مدني

ناشطون ومراقبون: العجز الأمني وراء فوضى المليشيات / علي عبد الخالق

لم يثن قرار السلطات إغلاق المقرات المسلحة خارج الأطر القانونية، بعض المجاميع المسلحة على أختلاف مسمياتها، من القيام بنشاطاتها في الأحياء السكنية، فيما يبدو انه استغلال واضح للفراغ الأمني من جهة، والحملة الحكومية التي دعت للتطوع في صفوف القوات الأمنية لمقاتلة داعش والجماعات الإرهابية من جهة أخرى.
وما يثير رعب الأهالي، أن هذه المليشيات تجوب الشوارع بهيئة عسكرية وبأسلحة، تتجاوز السيطرات للقوات الأمنية بلا مساءلة، وهو أمر حذرت منه بعض الأوساط السياسية والاجتماعية وحتى المرجعيات الدينية في النجف وكربلاء.
وينقل شهود عيان لـ"طريق الشعب"، يوم أمس، أن مجموعة مسلحة حاولت الاستيلاء على منزل بقرب ساحة الواثق وسط بغداد، يعود لمسيحيين هاجروا خارج البلاد. وأضاف الشهود أن"المجموعة المسلحة أدعت انتمائها لجهة أمنية حكومية، هددت العائلة التي تحرس المنزل بخطف أبنائها ان لم تسلم الدار خلال يوم واحد"، مبينة أن"قسيساً في إحدى الكنائس القريبة تدخل لإقناعهم بالعدول عن الاستيلاء على المنزل وانه تابع لعائلة مسيحية هاجرت البلاد". ويبدو أن محاولات الاستيلاء على منازل المسيحيين لم تنته بحسب ما أكدته هذه الحادثة، وعكس ما كانت تؤكده?وزارة الداخلية، بل تعدته إلى عمليات قتل ممنهجة لنساء ورجال في منازل بمناطق متفرقة من بغداد، بدعوى أنها مواخير ودور دعارة، جاء آخرها بحمام دماء حدث في مجمع شقق زيونة شرقي بغداد، وانتهى بمقتل 25 امرأة و3 رجال.
قيادة عمليات بغداد، أكدت أنها "اعتقلت القوة الأمنية المكلفة بحماية المجمع السكني".
وعلق الناطق باسم العمليات العميد سعد معن، إن "سبب الجريمة يتعلق بالآداب العامة".
وتناقل ناشطون في "فيسبوك وتويتر" صور قتلى الهجوم، حيث ذكرت مصادر ان "مسلحين ملثمين اقتحموا مساء السبت الماضي، العمارتين 43 و44 في منطقة زيونة وأطلقوا النار على من كان بداخلها".
ويقول سكان مجاورون، إنهم لم يسمعوا إطلاق نار، ما يدل ان الهجوم حدث بكاتم صوت، وليس غريباً ان تم ربط الخيوط مع بعضها، فزيونة شهدت العام الماضي مقتل نساء بذات الظروف والملابسات، والحجج.
وعلق نشطاء ومدونون على مواقع التواصل الاجتماعي منددين بهذه الجريمة ومؤكدين ان "هناك ضعفاً حكومياً واضحاً في ضبط الأمن وحصر السلاح بيد الدولة"، مضيفين أن العراقيين يعيشون عصراً يهدر فيه دم المواطن العراقي، نحن الآن نصل إلى وضع شديد الخطورة بظل هذه الفوضى، وانعدام الحلول الأمنية.
وانتقد المدونون بيان قيادة عمليات بغداد الذي تحدث عن دوافع الجريمة، متسائلين عمن يطبق القانون إذن، الدولة أم المليشيات؟
وقالوا في تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي أن معالجة مخالفة الأخلاق العامة هو من صميم عمل الأجهزة القانونية.
لكن الأمر الذي يشير له النشطاء والمدونون تعدى العاصمة بغداد، وشمل محافظات أخرى مثل ديالى بلباس آخر، وهو خطف المليشيات لمدنيين من بيوتهم، حيث يسرد مواطنون قصصاً لا تنتهي، عن حالات خطف لأبنائهم لن يفرج عنهم إلا لقاء مبالغ.
احد المخطوفين تم إطلاق سراحه مقابل فدية تقدر باكثر من 10 آلاف دولار، بعدها قام بمغادرة المحافظة الى خارج البلد. وهذا السيناريو تكرر مع شقيقه الأصغر، وهو لا يزال محتجزا ولا يُعرف مكانه ولم يتصل الخاطفون بأهله، وسط عجز كارثي لأجهزة الأمن.
ويعلل مراقبون تنامي دور الميليشيات نتيجة التدهور الوضع الأمني والمعارك بين قوات الجيش المصحوبة بالمتطوعين من جهة والإرهابيين من تنظيمات داعش من جهة أخرى.
وفيما تتزايد أعداد المختطفين، لا تصرح العوائل عن موقفها للإعلام، فهي في طور التفاوض مع الخاطفين لتسليم الفدية.