مجتمع مدني

التعليم قطاع له تميزه وخصوصيته / نعمة عبد اللطيف

التعليم حاجة انسانية، وضرورة من ضرورات الحياة، وحق من حقوق كل مواطن، كفلته القوانين الدولية، واولها قانون حقوق الانسان الذي فرض على الحكومات رعايته بشكل كامل، ومده بما يحتاج من اموال ومستلزمات تؤهله مهنياً وتربوياً، وكوادر مؤهلة تدريسية وادارية. وان تعمل على توفير الابنية المدرسية المتكاملة والملائمة لكل نوع من انواع التعليم، وكل مرحلة من مراحله، وتجهيزها بجميع انواع المعدات اللازمة للعملية التعليمية ولكل نوع من انواع التعليم.
على الحكومة ان تقوم باصلاح التعليم جذرياً، وتعمل بجد ومثابرة على رفع مستواه، وتحسين ادائه، وان ترسم الخطط، وتضع البرامج لتطويره وتحديثه، وان تمده بكل المستجدات، لتخلق القدرة فيه على اعداد الدراسين وتأهيلهم، وتنمية شخصياتهم/ ليكونوا اعضاء نافعين قادرين على المساهمة الفعالة في بناء وطنهم وتقدمه ورقيه ورفاهه.
وجاء ان التعليم واجب من واجبات الدولة، فعليها مهمات اصلاحه وتطويره ورعايته على احسن صورة ممكنة، وان تنميه وترفع مستواه وتجعله يصل الى مستوى الدول المتقدمة كامريكا واليابان والدول المتقدمة الأخرى وتجعل تطوره مسايراً للظروف المستجدة في العالم ولاحتياجات مجتمعنا.
وتتطلب ديمقراطية التعليم باهدافها وقيمها ومضامينها من الحكومات نشر التعليم في جميع مناطق العراق، في مدنه وضواحيه، وفي اريافه وبواديه، وفي جباله وأهواره، بأبنية مدرسية متكاملة، تحوي في المناطق النائية داراً للمدير ودارين للمعلمين، ويأخذ طابع البناء المدرسي شكلا واحدا متسقاً اينما كنا في المدينة أم في ضواحيها، أم في الارياف والمدارس لا تختلف عن بعضها الا في سمتها، وتخلص تلاميذها من اشكال المدارس المقززة التي سميت مدارس ظلماً وعدواناً، والتي كان قسم من التلاميذ يفترشون الأرض فيها.
ومن واجب الحكومات ان تعمل على تنويع التعليم عام وصناعي وزراعي وتجاري بحسب البيئة واحتياجات المنطقة، وان تراعي نسب هذه الانواع واعداد طلابها بالنسبة لاحتياجات التنمية واسواق العمل.
وتطبيق ديمقراطية التعليم يعني تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، والعدالة في التعليم، والتي تعني من جملة ما تعنيه الامور الآتية: 1- اختيار الطالب للفرص التعليمية المناسبة لقابلياته وامكاناته ورغباته، وهنا يتحقق العدل والمساواة بين المواطنين في الفرص الدراسية.
2- عدالة توزيع الخدمات التعليمية في جميع مناطق الوطن المختلفة بنشر التعليم بتنوعاته بـ العام، والصناعي، والزراعي، والتجاري. وبنفس الجودة لكلا الجنسين، ولتحقيق العدالة الاجتماعية، تقليص الفوارق الطبقية.
3- جعل التعليم مجانياً والزامياً الى نهاية مرحلة الدراسة المتوسطة.
4- من الضروري ان نجعل من التعليم عاملاً فعالا في تفتح شخصيات الدارسين بتحرير عقولهم للوصول بالمواطن العراقي الى حد الاشباع بمبادئ وقيم الديمقراطية قولا وعملا.
ان تطبيق ديمقراطية التعليم في السياسة التعليمية يعني تبني، نظاماً تعليمياً مشبعاً بالحرية والقيم الديمقراطية. ولهذا فتطبيق ديمقراطية التعليم ليس بالأمر اليسير، ويحتاج من اصحاب القرار الى أمور كثيرة منها:
اولا: بذل جهود مكثفة ومستمرة، والتزام كامل بالمسؤوليات المحددة، ولهذا نرى مع كثيرين غيرنا ضرورة تحمل اعباء مسؤولية وزارة التربية من قبل وزير تكنوقراط مارس التعليم بكفاءة عالية، يؤمن بأهمية التعليم في تطوير الشعوب وبانه الاداة الفعالة التي توصل الدول الى المكانة اللائقة بها في المجتمع الدولي.
نريد وزيرا يحقق ديمقراطية التعليم بكل ما تحمله من مضامين، ويختار العاملين معه على اسس الكفاءة التي تتطلبها مهنة التعليم العظيمة، ابتداء بنائبه ومدراء الاقسام داخل وزارته، ومدراء التربية في المحافظات والمشرفين التربويين، وان يكون مواظباً على تطويرهم وتأهيلهم ومساءلتهم.
ثانيا: من الضروري ان يعمل الوزير والكوادر العاملة معه، من اجل نظام تعليمي متكامل، من دور الحضانة ورياض الاطفال الى الجامعات والدراسات العليا، بتنوعه، ليمثل بحق الآلة الفعالة، والسبيل الامثل لتنمية المجتمع العراقي ثقافيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعياً. ويحقق النقلة العظيمة من التخلف الى التقدم والرفاهية الاقتصادية، والتطور الديمقراطي. ويساعد على الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمالية، وأزدهار المشاريع التنموية، ويوصل المجتمع العراقي الى التقدم والرفاهية.
ثالثا: من الضروري ان يدرك الوزير مدى التدهور الذي اصاب التعليم منذ سنوات تبعيته وعسكرته خلال حكم صدام، ثم ما اصابه خلال الاحتراب الطائفي وما اصابه واصاب الطلبة خلال عدوان داعش الارهابي. وبقدر جسامة العبء الذي القي على التعليم، يضع الوزير سياسة تعليمية رصينة، تعالج الجراح والنكبات، وتصلح امور التعليم وتنقذه من بعض التخلف المزمن الذي لازمه لعشرات السنين، ويمكننا ان نحدد بعض مظاهر تخلف النظام التعليمي بالنقاط الاتية:
أ- ان الظروف العصيبة التي مر بها شعبنا منذ سنة 2003 الى يومنا هذا ونحن نكابد انواعاً من التفجيرات والمفخخات والحروب الطاحنة ومظاهر العنف والتهجير الداخلي والعدوان الارهابي، وانقسم الطلبة الى عدة انواع: قسم انهوا سنتهم بسلام وأدوا امتحاناتهم واستلموا نتائجهم. وقسم أدوا امتحاناتهم، واعتبرها المشرفون على الامتحان غشاً جماعياً وكانوا يغطون (57) مركزا امتحانياً.
اما الفئة الثالثة فلم يؤدوا امتحاناتهم. وكل الطلبة يشعرون بحرقة ومرارة حادتين.
إن هذه الأمور اثرت على التعليم وسحبته الى الخلف، وهي ليست حالة طبيعية وانما هي انعكاس للواقع الماساوي على التعليم والطلبة والمواطنين كافة الذين يتجرعون المأساة بهدوء وصبر.