المتتبع للأخبار الإقليمية والدولية فيما يخص قضية المرأة سيعرف إن أشواطاً كبيرة أحرزتها المرأة، وعلى مستوى تبوءها المناصب الإدارية والقيادية والسياسية وذلك لنضالها المتواصل، حتى وصل أمر المساواة الى رسومات الإشارات الضوئية، من خلال تحويل نصف رموز هذه الإشارات التي تظهر عند إضاءة اللون الأخضر لعبور المشاة، إلى نماذج أنثوية بدلاً من النماذج الذكورية المتعارف عليها في جميع أنحاء العالم. ولكن ما يحدث في بلدنا بعيد كل البعد عن التطورات التي تحصل في العالم فيما يخص قضية مساواة المرأة بالرجل.. وكأن الامر أشبه ما يكون بحبو الطفل الصغير في مضمار سباق الماراثون فلا يحرز تقدما ملحوظا مقارنة بالآخرين.
هذا اذا قلنا ان الكثير من المطلعين على الاخبار والمهتمين بقضية المرأة يعلمون علم اليقين بان المرأة في دول العالم تشكل نسبا متقدمة في برلمانات دولها، ناهيك عن تسنمها قيادة بلدانها واستيزار قواتها الامنية وجيوشها وادارة مصارفها ومجلس القضاء وغيرها، ولسنا ببعيدين عن التغيير الذي حصل في مصر وتونس أخيرا نظرا لمشاركة المرأة الفاعلة ودعمها القوي للتغيير.
اما بلدنا فلازال يتصدر قائمة تزويج القاصرات والعنف ضد المرأة، إذ اشارت احدى منظمات المجتمع المدني في محافظة واسط تسجيلها لـ 800 حالة زواج من قاصرات، و11 حالة انتحار بسبب العنف الأسري بين الزوجين في بداية الفصل الأول من العام الحالي. ولا ننسى حال النازحات وأوضاعهن المأساوية الصعبة، وحال الاسيرات الايزيديات بيد تنظيمات داعش الارهابي والقائمة تطول ولا تقصر عن مدى الاحجاف والاضطهاد الذي يطال المرأة العراقية.
البعض يعتقد ان السبب في ذلك هو غياب دور المرأة القائدة، او ضعف دور المنظمات النسوية "المدافعة عن حقوق المرأة" ، او ضعف دور ممثلات المرأة في مجلس النواب وكأنهن في واد والمرأة ومعاناتها في واد اخر. وهنا نخص البعض منهن، مع الإشادة بالاحترام والتقدير لكل منظمة نسوية وامرأة وكل مهتم بقضيتها ممن وقف بوجه الرياح التي حاولت تغيير الامور لغرض ظلمها وسرقة مكتسباتها السابقة.
ان الحاجة ماسة اليوم لبناء جبهة او لوبي خاص ساند للمرأة، وله قاعدة جماهيرية متينة وقيادة نسوية جسورة وجريئة قادرة على تغيير مسار الامور نحو إحقاق الحق لصالح المرأة وإنصافها. جبهة تضم منظمات وشخصيات مؤثرة كقوة ضاغطة على الجهات الحكومية لتبني قضية المرأة العراقية التي عانت ما عانت طوال عقود وسنين عجاف. تيار واسع يضع الخلافات الفئوية جانبا ويتبنى من بين ما يتبنى قضية مساعدة النازحات والايزيديات كقضية أساسية، وما بعده بقية القضايا الاخرى التي تهم المرأة دون استثناء او تأجيل.