مجتمع مدني

تواصل حالات الخطف في البلاد

مجلس بغداد: نقاط التفتيش عاجزة عن ايقاف "ارتال" العصابات. والجبوري: "العناصر المدسوسة" تقف وراءها
بغداد - ناطق محمد
لا يمضي يوم في العاصمة بغداد أو في المحافظات التي تشهد بعض العمليات العسكرية، إلا وتسمع عن حالة اختطاف هنا، أو عمليات سطو مسلح هناك. وازدادت هذه الحالات في المدة الاخيرة ، حيث تفيد الاحصائيات الرسمية بحصول ما يقرب من 300 حالة اختطاف في بغداد شهريا اضافة الى مناطق أخرى، فضلا عن عمليات السطو المسلح التي تتعرض لها مكاتب الصيرفة وبعض الشركات الخاصة.
الأجهزة الامنية التي تواجه انتقادات واسعة بسبب عدم قدرتها على الحد من نشاط هذه العصابات، تلقي المسؤولية في هذه العمليات على عصابات الجريمة المنظمة التي تهدف إلى جني المال من عملياتها الإجرامية، إلا أن خبيرا أمنيا لم يستبعد وقوف جهات مخابراتية وراء هذه العصابات وتحركها لضرب التوافق السياسي الذي حصل بعد تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة.
ودعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، أمس الاربعاء، القوات الامنية من الجيش، والشرطة وما يساندها من مقاتلي الحشد الشعبي الى معاقبة من اسماها "العناصر المدسوسة" في صفوفها والتي تقوم بعمليات "اجرامية" بحق النّاس في بعض المناطق من محافظات البلاد.
وقال الجبوري في مؤتمر صحفي عقده في مبنى مجلس النواب وحضرته "طريق الشعب"، إنه "في الوقت الذي تواصل فيه القوات الامنية والحشد الشعبي تحرير المناطق من تواجد ارهابيي داعش في بعض المحافظات تقوم بعض الاطراف المدسوسة بعمليات جرمية بحق المواطنين هناك".
واضاف "ندعو كل الاطراف والقيادات الامنية الى اخذ دورها في معاقبة العصابات التي تقوم بتلك الاعمال الاجرامية من الذين يقومون بعمليات خطف وقتل بحق المواطنين الابرياء"، مشيراً الى ان "تلك الاعمال الاجرامية ستعطي صورة غير مناسبة عن البلاد".
وفي حديث مع "طريق الشعب" امس الثلاثاء، قال عبد العزيز حسن عضو لجنة الامن والدفاع النيابية ان "مجلس النواب شكّل لجنة للتحقيق في عمليات الاختطاف والقتل التي تشهدها محافظة ديالى، وسنناقش جميع حالات الخطف التي ظهرت في جميع المحافظات"، مؤكدا أن "اللجنة تضم اعضاء من لجنتي الامن والدفاع وحقوق الانسان".
واضاف حسن ان لجنة الامن والدفاع تتعامل بصدقية مع هذه الاحداث، ولدينا معلومات تصلنا من بغداد ومحافظات أخرى بشأن هذا الموضوع، ونحن نعتمد على الوثائق الموجودة وبعد ذلك نشكل لجانا تحقيقية لمتابعة هذه الاحداث حتى يكون تعاملنا مع هذه القضية بشكل دقيق"، مبينا ان "العصابات قد يعود بعضها الى عصابات داعش، والبعض الاخر ربما يكون من أصحاب النفوس الضعيفة التي تهدف إلى الحصول على الاموال".
وتابع ان "لجنة الامن والدفاع النيابية ستناقش هذا الموضوع في اجتماع مخصص له، لمعرفة من يقف وراء هذه العصابات الاجرامية، وبعدها ننطلق بخطة عمل بشأن هذا الموضوع، وسنعلن كل نتائج التحقيق للشعب".
بدوره، قال سعد المطلبي رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة بغداد، ان "موضوع الخطف والقتل في العاصمة بغداد هو خطف غير سياسي استنادا إلى أن أكثر من 90 % من الحالات التي حققت فيها الجهات الامنية هي حالات تتعلق بالجريمه المنظمة، وحالات الخطف كانت لاسباب مالية وليست لاسباب سياسية"، مشيرا الى ان "القوات الامنية والحشد الشعبي هما جزء من المنظومة الأمنية وانشغالهما بقتال داعش في ساحات القتال فتح المجال امام هذه العصابات لكي تقوم بأعمال الخطف".
واضاف المطلبي في حديث مع "طريق الشعب" أمس، ان "حالات الخطف تتم من قبل مجموعات كبيرة تتحرك على شكل ارتال مكونة من عشر سيارات تقريبا"، لافتا النظر إلى أن "نقاط التفتيش غير قادرة على ايقاف هذا الكم الهائل من المجموعات الأرهابية".
واعرب عن اعتقاده بأن "القوات الامنية لا تستطيع ان تجابه هذه القوة من العصابات بامكاناتها البسيطة"، مبينا ان "التخلص من هذه العصابات بحاجة الى عناية اكثر من عمليات بغداد ووزارة الدفاع".
واشار رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة بغداد، إلى أن "هذه العصابات هي عصابات خطف وجريمة منظمة، ولكن بالتأكيد هناك عصابات مرتبطة بالتنظيمات الأرهابية سواء كانت داعش او حزب البعث".
الى ذلك، رأى احمد الشريفي الخبير الامني، ان "عمليات الخطف التي عادت الى بغداد وبعض المحافظات في الايام الاخيرة جزء لا يتجزأ من معادلة القراءة الحالية، وهي ما يطلق عليها تسمية "الجريمة المنظمة" مشيرا الى انه "في ظل هذا المناخ بدأ الارهاب يتحرك بفضاء أوسع في ظل اضطراب الوضع الأمني واختلال في الهوية، فهناك الكثير من الحركات الان تعمل في الساحة وممكن ان تندس هذه العصابات تحت اي مسمى معين، او ان تقوم بتزوير وثائق وهويات رسمية لتتحرك بفضاء من الحرية".
واضاف الشريفي في حديث مع "طريق الشعب" امس: "لا نستطيع ان نعالج هذه الظاهرة إلاّ بتكثيف الجانب الاستخباراتي أولاَ، وبتحليل ملامح المرحلة القادمة، أي يجب ان تكون هناك منظومة امنية مشخصة من ناحية الانتماء الى المؤسسة الأمنية، أما الأمر الثاني فانه يجب أن نتمكن من رصد تلك التحركات"، لافتا النظرالى ان "الجريمة المنظمة في كثير من الأحيان يكون ظاهرها هو البحث عن المال أو تحقيق منفعة، ولكن الأداة التي تحرك وتوفر غطاء لحركة هذه العصابات هي ابعاد سياسية، فهي تجتمع فيها المنفعة مع البعد السياسي في بعض الاحيان، وقد ?تقف وراءها جهة مخابراتية دولية".
وتابع الخبير الامني، أن "هناك توافقا سياسيا، وعلى مايبدو ان هذا الأجرام بدأ يظهر الآن من أجل استهداف التوافق الوطني العابر للبعد الطائفي، فعندما تحصل الجريمة المنظمة، فأن هذا سيمس الملف الأمني، وإن هذه الجرائم في بعض الاحيان تأخذ سمة الأستهداف الطائفي، وبالتالي تتسبب في أزمة يرغب المجتمع العراقي في اجتيازها".