مجتمع مدني

في النجف.. مديرية لحماية المرأة والطفل من العنف الأسري / ملاذ الخطيب

عند دخولك مبنى مديرية حماية الأسرة والطفل من العنف الأسري في النجف ستلحظ وجود تراجع للصمت إزاء العنف الممارس ضد المرأة بحجة التقاليد العشائرية والخوف من العار الذي سيلحقها ان فضحت العنف ضدها. ضابطات وضباط جندوا أنفسهم لتأدية واجبهم بحماية الأسرة وبصورة رائعة, وقد كانت لي لقاءات مع بعضهم سبقها تجوال في أروقة المديرية.
في الدائرة التقيت بمديرها العقيد هادي هاتف سمير الذي حدثني عن تأسيس المركز في عام 2011، وهو قسم جديد تابع إلى وزارة الداخلية، وصلب عمله يتركز في تعزيز التنسيق بين المؤسسات المعنية لتقديم مساعدات في متابعة حالات العنف ضد الطفل والمرأة.
وقال سمير: كان الإقبال قليلاً في البداية، ثم تصاعد تدريجياً توافد المعنفات وبشكل ملحوظ، مبينا أهمية توطيد الثقة بين منتسبي المركز والمعنفات لاجل حسم الخلافات الاسرية، وخلق حوار مشترك بين الطرفين من اجل الصلح بدل اللجوء للبدائل القانونية ما يؤدي الى تمزيق النسيج الاجتماعي.
وأوضح ان العنف المسلط ضد النساء له مخلفات سلبية على الأطفال مستقبلا ما يتوجب ايلاءه اهتماماً جدياً قدر الإمكان.
أما الملازم اول فضيلة حمزة تحدثن لـ"طريق الشعب" قائلة: كنا ثلاث ضابطات من خريجات كلية القانون في النجف التحقنا بدورة تدريب في وزارة الداخلية لمدة تسعة شهور واجتزناها بنجاح من اجل الانتساب والعمل في قسم حماية الاسرة، وذلك لان المرأة المعنفة تجد صعوبة في البوح عن مشاكلها للرجل، ووجودنا في هذا القسم ساعد كثيرا في استقبال المعنفات والاستماع لشكواهن وتسجيلها بدعوى قضائية.
وأضافت: لقد خصص مجلس القضاء الأعلى قاضياً خاصاً بالقسم فضلا عن الزي المدني الذي نرتديه ما قلل من المخاوف النفسية عند المعنفة وسببا مضافاً لكسر حاجز الخوف في كشف العنف ضدها.
وعن معاناة الضباط في القسم، قالت ملازم اول حوراء مكي إن "قانون العقوبات غير منصف للمرأة، فالزوج المذنب بجرم العنف ضد زوجته يطلق سراحه بكفالة او غرامة مالية حسب صلاحية القاضي، الامر الذي يشجعه لارتكاب العنف مرة اخرى وهكذا، ومشكلتنا الشخصية تتمثل بمشاركتنا نفس الغرفة مع الضباط من الرجال لذا لا نحظى بخصوصية معينة في الاستماع لشكوى المعنفات وتتسبب باحراج لهن".
ويرى الملازم اول عبد الامير طالب الياسري ان عدم تواجد الباحث بشكل منتظم في القسم من اهم المشاكل التي تعيق عملهم مضيفا عند تسجيل الدعوى من قبل المشتكية يتم عرضها على القاضي وبدوره يرسلها الى الباحث الاجتماعي للتوصل الى حل وسطي يرضي الطرفين بدل الطلاق، لكن عدم تواجده بشكل دائم يسبب حرجا كبيرا.
ويبين ان توقيف الزوج المشتكى عليه في سجن التسفيرات الذي يضم المجرمين ووضع القيود في يديه يولد ردة فعل يكون الطلاق مصيرها بدل الاصلاح، وهنا يقترح الياسري تخصيص مكان في القسم لتوقيف الزوج بدل السجن فالقسم مهامه الاولى الاصلاح الاجتماعي بدل الاصلاح القانوني.
ومن خلال اللقاءات العديدة بالمعنفات ممن لجأن إلى قسم حماية الاسرة يمكن تلخيص بعض أسباب العنف ضدهن: (التقاليد العشائرية القديمة، الزواج المبكر وزواج القاصرات، البطالة والعوز المادي لتردي الحالة الاقتصادية، الجهل والأمية والهوة الكبيرة بين المستوى التعليمي والثقافي للزوجين).
حالات كثيرة ترد الى قسم حماية المرأة الطفل في النجف من المشتكيات المعنفات لاجل وقف العنف ضدهن صرخات استغاثة تتعالى اريد حقي كإنسانة من خلال الحد من العنف ضدي، فالعنف له تاثيرات سلبية على مستقبل الاسرة وتنشئة الاطفال، حالات عنف عديدة تتنامى يوماً بعد اخر بسبب غياب الرادع القانوني والاجتماعي وبما ينسجم مع الاتفاقات الدولية التي تحمي المرأة وحقوقها من اي انتهاكات عبر تجريم مرتكبي العنف ضدها.