فضاءات

اقبال جماهيري على مشروع "أنا عراقي.. أنا أقرأ" / فهد الصكر

وسط حضور واسع من المثقفين والناشطين المدنيين ووسائل الإعلام والمواطنين، انطلقت عصر أمس الاول السبت على ضفاف دجلة في بغداد، قرب تمثالي شهريار وشهرزاد، فعاليات مشروع "أنا عراقي .. أنا اقرأ" بنسخته الثانية.
ويهدف المشروع إلى إعادة الصلة بين الانسان والكتاب، التي انقطعت بتأثير الظروف القاسية التي أنتجتها الدكتاتوريات بمشاريع التجهيل الجماعي. إذ بدأت بهدم عوالم المكتبات وإزالتها من الحياة العامة، لتلحقها بتصعيب ظروف المواطن المبتلى بالبحث عن ملاذات العيش، حتى خلت غالبية البيوتات من جمالية المكتبات الخاصة.
هذا الواقع حفّز مجموعة من الشباب المثقف، على التأسيس لتحقيق حلم إعادة الصلة بين العراقيين والكتاب، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وغيرها من الوسائل. فقد بدأوا بالتحشيد للمشروع، ومن ثم وضع الأساس الرصين لانطلاقه على أرض الواقع، وجمع تبرعات الكتب من المواطنين الخيرين والمنظمات الاجتماعية والمدنية. وفعلا انطلقت العام الماضي النسخة الأولى من المشروع، وشهدت اقبالا جماهيريا حاشدا، في بغداد ومدن العراق الأخرى.
أما في فعالية أمس الاول، فقد كتب الشباب في رسالتهم التعريفية قائلين: "ذاقت بلادنا اقسى الاوجاع في عقودها الاخيرة ، وصارت واضحة مشاريع انهاء وقتل ملامح بلاد النهرين.. بالكتاب وبالقراءة وبالفكر المتنور نعيد هويتنا الاصلية .. هوية لا تمزقها التفرقة والهويات الفرعية الخاصة". وهكذا اتسعت مساحات الحلم بنبل الحروف التي عانقتها عيون أجدادنا وأمهاتنا واخواتنا وابنائنا واحفادنا. تضمنت الفعالية بالإضافة إلى توزيع الكتب والقراءة على أرض الحديقة المفترشة بالبسط، نشاطات فنية عديدة، كالموسيقى والغناء والمعارض الفوتوغرافية.
"طريق الشعب" التقت بعدد من المثقفين ليسجلوا انطباعهم عن الفعالية:
الشاعر محمد جبار حسن: "فعالية رائعة، إن دلت على شيء أنما تدل على ذائقة عالية لدى شعب واع.. شعب يعشق الثقافة عشقا بلا حدود، لأنه من صناعها الاوائل، وهو شعب عاشق للحياة .. محب للنور.. لديه اصرار نادر قل نظيره في الوجود. فهو يواجه الظلاميين بإيقاده شموع العلم والمعرفة ليثبت للعالم أن الضوء لا يمكن أن يموت مهما تشتد رياح الحقد والدمار".
الشاعر والكاتب أحمد عبد الحسين الناطق باسم المجموعة المشرفة على المشروع: "يظل هدفنا، وللسنة الثانية، هو حث الناس على القراءة وحب الكتاب واعادة علاقتهم بروح الكتاب العراقي". وأضاف: "لدينا فكرة سنطرحها على مجلس النواب، وهي أن يكون السبت الأخير من كل ايلول يوما وطنيا للكتاب، كون هذا الشهر يتزامن مع مناسبة انطلاق فكرة مشروع "انا عراقي.. أنا أقرأ"".
الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم : "أعتقد أنها محاولة يمتد تأثيرها الى شرائح واسعة
من المجتمع، وكنت أتمنى أن تكون هناك مشاركات ودعم من بعض الوزارات ومنظمات المجتمع المدني الأخرى لرفد هذا المشروع المعرفي بالكتب". وأضاف : "أرى ان هذا المشروع دعوة لتحفيز الذين فقدوا الصلة بالكتاب ليرتقوا صلتهم من جديد، وهي تظاهرة جميلة أتمنى أن تتسع أكثر، في وقت نشهد فيه أمية كبيرة تتسع بين الشباب".
المترجمة دعاء علي : "ان هذا التجمع خطوة أيجابية، لا سيما أننا نمتلك حضارةً ولدينا تاريخ للحرف، وبالتالي علينا أن نتواصل مع هذا التاريخ والحرف". وأضافت: "ان الفعالية تهدف الى تقريب الصلة بين الانسان والكتاب، والتركيز على المعرفة، ومن خلال جريدتكم أدعو جميع منظمات المجتمع المدني للمساهمة ولو بجزء يسير في هذا المشروع المعرفي، ودعمه بماهو مستجد في الثقافة والادب والمعرفة".
الشاعرة غرام الربيعي: "من يحضر المكان سيجد عالما يختلف عن كل الأمكنة، ربما في هذه اللحظة، وفي شوارع بغداد الدامعة والاشجار النازفة وصراخ الامهات، هنا تكون فقط المشاعر طبيعية.. هنا يبحث الجمال عن رؤيا تتلمسها الشوارع والاشجار، وتسكت الصراخ.. اننا عراقيون بكل الاعمار وبكل الفئات قد لا نصدق حين نخفي الوضع الراهن، لكننا صادقون في حبنا للحياة .. هنا الجميع أقرباء تربطهم قرابة الكتاب، والقراءة، والاكثر هو التحليق بعيداً عن كل الجراح".
الشاعر والناقد سهيل نجم : "حضور منوع وبأعمار مختلفة أجده في هذا المشهد المعرفي، يبحث عن ضالته بين مفترشات الكتب ، وان هذا الجيل الجديد بدأ يتحفز من خلال الفعالية الاولى التي أقيمت العام الماضي، ويتشجع للتواصل مع الكتاب والمعرفة. ومن وجهة نظري أرى انه من المفيد أن تتكرر هذه الفعالية كل شهر لتظل قريبة من الكائن العراقي، ونحن نشهد احباطه اليومي، وهذا ما يجعله بعيدأ عن هذا الهاجس ليشده الى افق المستقبل". وأشار نجم إلى ان هناك غيابا للكتاب العلمي البعيد عن الدرس الاكاديمي، "أتمنى أن يتم حضوره بين كتب المعرفة, والثقافة ، والادب".