يشهد مجتمعنا ظاهرة سلبية بدأت تشكل خطرا على مستقبل العراق، وهي ظاهرة الطلاق، الذي اخذ يتزايد بشكل كبير في الفترة الأخيرة، حيث تشير مصادر قضائية، وأخرى غير حكومية بعد المسح الذي اجري مؤخرا إن نسبة الطلاق في العراق بلغت 62 بالمائة، وهي نسبة كبيرة ولا يستهان بها ، ويعزو ارتفاع نسبة حالات الطلاق لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، عرفها العراق خلال السنوات القليلة الماضية، رافقها نقص في الوعي الثقافي والاجتماعي للأزواج، الأمر الذي دفع باحثين اجتماعيين إلى القول إن المجتمع العراقي يواجه التفكك.
وأصبحت حالات الطلاق ظاهرة خطيرة لها تهديداتها حال مشكلة الأرامل وأكثر. اما اكثر الفئات العمرية التي ارتفعت حالات الطلاق فيها تتراوح بين 28-38 سنة. وتشير مصادر احدى منظمات المجتمع المدني إلى إن هناك كل حالة زواج تقابلها أربع حالات طلاق، وأن أكثر حالات الطلاق تتم عن طريق المخالعة، حيث يأتي الطرفان، وهما متفقان على الطلاق، مقابل تنازل الزوجة عن جميع حقوقها أو بعضها، بحسب الاتفاق بينهما.
وقد حققت نسبة الطلاق انخفاضاً في الأشهر الأولى من العام 2008، إلا أنها عادت لترتفع في العام 2009 بواقع 820 ألفاً و453 حالة طلاق.
وحسب بيان صدر من مجلس القضاء الأعلى. فان دعاوى الطلاق لعام 2004 كانت 28 ألفا و689. ارتفعت إلى 33 ألفا و348 في 2005. ثم ارتفعت مجددًا إلى 35 ألفًا و627 في 2006. وارتفعت مجددًا في العام إلى 41 ألفًا و536 حالة طلاق في 2007. وحققت نسبة الطلاق انخفاضا في الأشهر الأولى من العام 2008. إلا أنها عادت لترتفع في العام 2009 بواقع 820 ألف و453 حالة طلاق.
ويعزو آخرون إلى إن زيادة أعداد العاطلين عن العمل في العراق دفعت بالشاب العراقي لفقد السيطرة على أعصابه أمام متطلبات العائلة التي لا تنتهي، فجعل الطلاق سبيلاً لخروجه من هذا التوتر العصبي.
من جانبها أكدت الناشطة في حقوق الإنسان هناء أدور أن ارتفاع نسبة حالات الطلاق خلال السنتين الأخيرتين تثير القلق، ليس في بغداد وحسب، إنما في جميع المحافظات، مثل النجف وكربلاء والبصرة وغيرها. وقالت أدور إن هناك حالات زواج غير قانونية تتم خارج المحكمة، لعدم إتمام الشروط القانونية، مثل العمر، ويتم الطلاق أيضاً خارج المحاكم، وهذه الحالات تحدث كثيرا، لكنها غير محسوبة لعدم وجود وثائق رسمية. وأوضحت أن صغر عمر الأزواج، سواء الإناث أو الذكور، يؤدي إلى فشل الزيجة، بسبب عدم الالتزام وقلة الإحساس بالمسؤولية، فضلاً عن ال?شاكل الاقتصادية والاجتماعية والخلافات العائلية وتدخل الأهل، مؤكدة أن حالات الطلاق تزايدت في فترة الحرب الطائفية التي مر بها البلد، وكذلك فإن تعدد الزوجات ساهم في ذلك، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة.
تبين من خلال المسوحات والزيارات الميدانية والحالات المذكورة أعلاه إن هناك أسبابا رئيسية أدت إلى انتشار هذه الظاهرة على نطاق واسع، أهما الوضع الاقتصادي للعوائل العراقية التي تؤدي إلى مثل هكذا حالات وهي الطلاق، حيث إن هناك نسبة كبيرة من العوائل العراقية تعيش تحت خط الفقر، وهذا سببه ضعف أداء الحكومة في توفير العيش الكريم لتلك العوائل وقلة فرص العمل، وعدم وجود قانون ضمان اجتماعي وصحي يضمن للفرد حقه في العيش الكريم وإعالة العوائل المعدومة التي تسكن في الأحياء العشوائية ومقالع النفايات. والأسباب الأخرى الوضع الامني المضطرب الذي يمر به البلد، حيث يصعب على الزوج العمل لتوفير لقمة العيش لعائلته، مما يؤثر نفسيا على حالة الزوج تؤدي إلى الطلاق. والفتاوى المتطرفة من بعض الشيوخ التي توجب على عقول البسطاء بطلاق الزوجة من طائفة أخرى مقابل مبلغ مالي، كما حدث في السنوات السابقة التي 2006-2008. والسبب الأخر هو الزواج خارج المحكمة لأسباب عدة منها صغر سن الزوجة أو الوضع الاجتماعي للزوج، وهو ضياع لحقوق الزوجة الذي يؤدي إلى إن يستسهل الزوج عملية الطلاق، وسببه قلة الوعي القانوني للزوجة وعائلتها، وسببها قلة الجهات الحكومية التي تعمل على التوعية القانونية وقلة منظمات المجتمع المدني التي تعمل على جانب التوعية بحقوق المرأة وضرورة العمل وفق القانون لضمان الحقوق.