من الحزب

كلمة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في يوم الشهيد الشيوعي

رايات خفاقة ابداً.. ورموز متوهجة لا تنطفئ *
يارفاق الاصقاع الموحشة
هذا ما اريدَ للانسان
ان يقبع في بيرقه، ودمُه يسيل الى جانبيه في الشارع
هذا ما اريد للانسان
وهو هو قدرنا
ان نحمل البيرق يوما ونواصل الطريق،
وقد نسقط قبل الوصول ودمنا في الطريق يسيل الى الجانبين
للثلاثة المجد، تقول الارض:
للبيرق والدم والشهيد!

تدور السنة دورتها، وتعود الذكرى تضوّع بجلالها الآفاق، وتنير بوهجها الامل الانساني، وتعلي قيم الكفاح والتفاني والفداء.
يتجدد الحضور البهي لخيرالمناضلين في سبيل العراقيين والعراق، واشدهم اخلاصا واكثرهم وفاء.. للآلاف من رفاق الدرب المضيء، الذين وهبوا اغلى ما عندهم للشعب والوطن، ولقضاياهما السامية في الحرية والكرامة والعدالة والتقدم والاشتراكية.
اولاء الشهداء الشامخون، وقوافلهم غيرُ المنقطعةِ مقدامةً لا تتهيب ولا تكف، هم من نحيي ذكراهم في هذا اليوم، الرابع عشر من شباط، وفي مثل هذا اليوم من كل سنة منذ 1950، سنة الذكرى الاولى لاستشهاد مؤسس حزبنا الشيوعي وقائده يوسف سلمان – فهد، ورفيقيه حازم وصارم، الذين افتدوا الشعب والوطن بارواحهم، وضربوا المثل الساطع في التضحية العظمى، لآلاف المناضلين الشيوعيين واصدقاء الحزب الشيوعي ومؤيديه، من بعدهم.
نحيي ذكراهم ونمجد مآثرهم وهم يتحدون الموت على اعواد المشانق وفي اقبية التعذيب، في ساحات السجون وميادين الاعدام، في الاضرابات العمالية والانتفاضات الفلاحية، في المظاهرات والاعتصامات الطلابية والشعبية ومعارك الشوارع، في المداهمات والزركات والكمائن الغادرة .. ويتسامون شهداء، ناكرين كرام النفوس، وجاعلين الحتوف جسرا الى الموكب العابر.
اليوم نتذكرهم جميعا، رايات خفاقة ابدا، ورموزا متوهجة لا تنطفيء، تهدي مواكب النضال، وتنير درب المناضلين ..
نتذكر القادة الشيوعيين الخالدين سلام عادل وجمال الحيدري ومحمد صالح العبلي، والمئات من رفاقهم الميامين، الذين تصدوا باقدام وصمود فريدين لانقلاب البعثيين في شباط الثاني، سنة 1963، المدعوم والموجه من طرف السي آي أي والاحتكارات النفطية وفلول الاقطاع والرجعية المحلية، الذين اضرت ثورة 14 تموز بمصالحهم. الانقلاب الغادر الذي انقض على الثورة المجيدة ورجالها الوطنيين الاحرار، وأستباح جلادوه وقطعان حرسه القومي المسعور، ارواح وابسط حقوق الآلاف وعشرات الآلاف، من زهرة بنات وابناء شعبنا الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين، واقترفوا اشنع الجرائم والموبقات في حقهم.
نتذكر الشهداء الاماجد من ضحايا الحكم البعثي الصدامي غداة الانقلاب الثاني سنة 1968، والصفوف الطويلة من رفاقهم الميامين في ارجاء العراق كافة، من اقصاه الى اقصاه، من جبال كردستانه الى ارياف واهوار جنوبه ووسطه، من غربه الى شرقه، من ابعد قراه الى حواضره ومدنه، مكافحين مضحين باغلى ما يملكون من اجل حرية الوطن وسعادة الشعب.
نتذكر شهداء الحركة الانصارية الباسلة، الذين كافحوا ابطالا ضد النظام الدكتاتوري الغاشم، وجميع الشهيدات والشهداء الشيوعيين من بنات وابناء شعبنا بقومياته وطوائفه كافة، الذين رووا بدمائهم الزكية ارض الوطن العزيز في جهاته الاربع، دفاعا عن مصالح وحقوق الملايين من العمال والفلاحين وعموم الكادحين والفقراء المحرومين ومحدودي الدخل، وتضحيةً من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة والتقدم الاجتماعيين.
ولا ننسى في هذا اليوم الشهداء سعدون و كامل شياع وابو فرات وشاكر الدجيلي وابو ولاء وابو ثابت وابو محمد وابو زينب وعشرات الشيوعيين الآخرين الذين تساموا اماجد منذ انهيار النظام الدكتاتوري في 2003 حتى اليوم، وبضمنهم من خرّوا ابطالا في القتال ضد داعش وعصابات الارهاب والجريمة.
ساطع وثرّ هو السفر الكفاحي للشهداء الشيوعيين وشهداء الحركة الوطنية جميعا، الذين افتدوا بأعز العزيز، شعبهم ووطنهم وقضاياهما المشروعة.
وكم يجدر بنا اليوم وفي كل حين، ان نعود الى عِبَره ونستلهمها، ونحن نواصل نضالنا العادل، ونغذ السير دون وهن او تردد، على طريق حرية الوطن وسعادة الشعب .

الاخوات والاخوة
الرفيقات والرفاق
نحتفي اليوم بالشهداء الخالدين وبلدنا يغرق في ازمة شاملة، ولّدها ويفاقمها نظام المحاصصة الطائفية والحزبية والاثنية. ازمة لم يمكن الحؤول دون نشوئها وتعمقها، بوجود النهج المعتمد في نظام الحكم المحاصصي القائم، الذي لا يتيح تولي ذوي الكفاءة والخبرة من الكوادر الوطنية المخلصة والنزيهة، معالجة القضايا الرئيسة في البلاد. وفي ظل هذه الازمة المركبة والعميقة، التي يستفحل اليوم جانبها المالي والاقتصادي بشكل خاص، اصبح الخطر يهدد وحدة ارض العراق وتماسك نسيجه الاجتماعي ووجوده ككيان قائم بذاته.
ومن هنا فان النظام السياسي الجديد، الذي جاء لمعالجة الخلل في السياسات السابقة، سواء من العهد الدكتاتوري او منذ تأسيس الدولة العراقية، ظهر عاجزا عن حل المشاكل وإحداث نقلة محسوسة تخرج بالجماهير من الحال المأساوي الذي تعيشه، بل واصبح هو نفسه منتجا للمشاكل والازمات. لذلك لم يبق بد من انتهاج سبيل الاصلاح والتغيير، الذي غدا ضرورة ملحة وليس مجرد وجهة نظر او خيار سياسي.
وقد انعكست هذه الحقيقة في انطلاق التحركات والتظاهرات الجماهيرية منذ آخر تموز الماضي، والتي جاءت ردا على الفشل في الادارة، وعلى الفساد الذي ابتلع موارد البلد وثروات الشعب، ومكـّن ذوي السلطة والنفوذ من تحويلها الى جيوبهم، معطلا عملية البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
غير ان المطالبة الواسعة والمتواصلة بالاصلاح، والتصدي للفساد ورؤوسه، والتخلي عن نهج المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية، وتغيير نمط الادارة وطرائقها، لم تلق على المستوى الرسمي الا تجاوبا محدودا وغير كافٍ. ومن هذا القليل لم يتحقق في النهاية الا الاقل، والذي لم يضمن الاحتياجات الاساسية لملايين العراقيين.
ويبدو واضحا ان ما اعلن من اصلاحات، على ضآلته، يصطدم بمصالح قوى وجماعات وشخصيات، تمتلك مواقع نفوذ قوية في السلطة وفي القوات المسلحة والجماعات المسلحة، وتتوفر على فضائيات وعلى قدرات ومصالح مالية ضخمة. وهي ترفض اي تنازل عن مواقعها ومصالحها، وتقاوم بشدة كل مسعى اصلاحي يمكن ان يمس هذه المواقع والمصالح. وتتصدر هذه القوى منظومات الفساد داخل الدولة وخارجها، الامر الذي يجعل من عملية الاصلاح معركة سياسية في المقام الاول، يتطلب كسبها جهدا سياسيا لتعديل ميزان القوى، بما يهيئ شروط تنفيذ التدابير الاصلاحية.
وفي صف هذه القوى المقاومة للاصلاح يقف المتشبثون بالمحاصصة، ممن يذمونها لسانا ويدعمونها واقعا، ومعهم عناصر الجهاز البيروقراطي التي تخاف الاصلاح والتحديث، وبعضها متورط هو نفسه في الفساد، وغير هؤلاء واولئك.
كما تقف الى جانبها قوى من خارج العملية السياسية، تتمثل في داعش والبعث الصدامي، واطراف اخرى طائفية المنطلقات.
وفي الخارج هناك دول لا ترغب في رؤية العراق مستقرا متعافيا، لذلك لا تنظر بارتياح الى عملية الاصلاح والتغيير، ولا تبخل بمسعى لعرقلتها وافشالها.
ان مواجهة الطيف الواسع من هذه وغيرها من الاطراف والشخصيات المناهضة والمقاومة للعملية الاصلاحية، تستلزم حشد كافة القوى ذات المصلحة موضوعيا في الاصلاح والمؤيدة له، وهي كثيرة وبمستطاعها الفوز في المعركة اذا احسنت ادارة العملية الاصلاحية، واذا شكلت جبهتها الواسعة.
وفي هذا السياق تبرز اليوم الحاجة الى توسيع قاعدة الحراك الجماهيري، عبر التضامن مع مطالب القطاعات الشعبية المختلفة، ودعم احتجاجاتها بشتى اشكالها، وفي شتى المناطق والمواقع، خارج اطار تظاهرات الجمعة. كما يبدو ضروريا ان تنفتح اطرافه، لا سيما التيار الديمقراطي والقوى المدنية، على بعضها وعلى الآخرين، بما يسهم في تعزيز الحراك وتطويره، وبما يؤدي آخر المطاف الى تغيير موازين القوى المجتمعية. ولا تحقيق لأية مطالب، من دون تغيير موازين القوى هذه.
اخيرا، وإذ نحتفي بالشهداء الشيوعيين في يومهم السنوي، لا يفوتنا ان نحيي ذكرى عموم الشهداء من ابناء شعبنا، الذين سقطوا في ميادين القتال المشرف ضد داعش وبقية قوى الارهاب، في الرمادي وغيرها من مدن ومناطق الانبار والمحافظات الاخرى، التي تحررت من النير الداعشي او تنتظر التحرير ، وان نشيد بالدور المتميز لجيشنا الباسل والقوات الامنية والحشد الشعبي والبيشمركة والعشائر في القتال لانجاز عملية التحرير، وإلحاق الهزيمة النهائية بداعش وعصابات الارهاب جميعا.
المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي والحركة الوطنية العراقية.
عاش الحزب الشيوعي العراقي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كلمة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي القاها الرفيق مفيد الجزائري
 السبت 13 شباط 2016