- التفاصيل
-
نشر بتاريخ السبت, 01 نيسان/أبريل 2017 20:17

للعروض المسرحية التجريبية، بكل ما تحمله من سمات خاصة في طرح السؤال، أثر في رفد المسعى الحداثوي في الخطاب المسرحي. وخصوصية طرح السؤال تتأتى من تبني مخرج هذه العروض. فلسفة تدور على محور الشك في السائد وقطع الطريق على استمرار الراسخ، اذ انها من مخلفات قبلية على الصعيدين المفهوماتي والزمكاني.
وسعت هذه العروض سعيا حثيثا الى حرث مناطق بكر بحثا عن معان تختفي بين السطور، كما تعمد التجريبيون ازاحة المتن الحكائي "الحدوتة" وغيرها من الأشكال الشائعة في العروض التقليدية، دون أن ينفرط عقدهم مع المورث المسرحي لأنهم يعدونه مرجعية أصيلة لما ينشدونه من خطاب جديد، ويعتبرون القطيعة مع هذا الموروث ابتعادا غير مبرر يحجم دورهم في اشاعة الحياتية في العرض. فالحياة بتراكم الحادث اليومي المتنوع هو المادة الخام والازلية لكل المنجزات الجمالية. وهذا بدوره يجنبهم النمطية في العرض وبالتالي يوفر جاهزية لتشكيل مبنى حكائيا يمد الجسور بين العرض والتلقي - هناك تمظهرات وإشكاليات في وصول رسالة العرض الى التلقي ـــ لكن التراكمات النوعية لهذه العروض من شانها خلق مقتربات وإنتاج خطاب تفاهمي جديد عبر تكرار المشاهدة . وبالتالي تظهر للوجود بما يمكن ان نسميه " ألفة " تكون غنية بمنظومة علامات ودلالات وافتراضات في لبوسات متنوعة؛ وهنا تصبح حتمية نجاح هذا المسعى ضرورة وإلا صار العرض رطانة او ترفعا يتملكه نفس برجوازي، فينقطع حبل التواصل وتلك مشكلة كبرى.
للعروض التجريبية طريقة خاصة في طرح الاسئلة، فهي لا تضع منطوقا لأسئلتها غير انها في الوقت ذاته تترك للتلقي انجاز تلك المهمة، وهو بالضرورة ليس منطوقا واحدا ذلك لان تلقي السؤال ليس واحدا كذلك، فالتلقي منظومة افراد تتميز بتباين الوعي فيها وان التقت بالخطوط العامة.
اعتاد التجريبيون تخويل انفسهم "باعتبارهم انقلابيين " بالدخول الى محراب ارسطوا ليعيدوا تشكيل وحداته "الموضوع او الفعل والزمكانية" على وفق رؤاهم من أجل دعم مشروعهم التجريبي الذي يبدو لأول وهلة غرائبيا ثم ما يلبث الاعتياد عليه. فهم لا يحبذون المألوف ولا يستكينوا لما اتفق عليه ولا يأمنوا بالراسخ، ولا يرون فيه معطيات لتفعيل هذه النقلة الجديدة التي يسعون اليها. ففي عروضهم لا يحفل المشاهد بإغفاءة فليس له سوى اليقظة.
ان أسئلة بهذه الخصوصية في شكل طرحها، هي استمرار لديمومة الحياة في المسرح. وحتى الاخفاق سواء في صياغة منطوقها او في الاجابة عليها لا يصيبانك بالبلادة بل يكسبانك صفة التيقظ وهو ما يريده التجريبيون.