مدارات

سلام عادل (1922 / 1963 ) ودوره السياسي في العراق / علي عبد الكريم حسون

العنوان أعلاه هو رسالة ماجستير تقدمت بها الطالبة شيماء ياس خضير العامري إلى مجلس كلية التربية للعلوم الأنسانبة – جامعة ذي قار – للعام 2012 , وبإشراف من الأستاذ المساعد الدكتور مؤيد شاكر كاظم الطائي , والذي سبق له وأن أشرف في كانون الأول 2011 على رسالة ماجستير للطالب مناف جاسب محمد علي الخزاعي والموسومة ( الحزب الشيوعي العراقي 1958 – 1963 ) والمقدمة لمجلس كلية الآداب في جامعة ذي قار . والدكتور مؤيد حاصل على الدكتوراه من كلية الآداب – الجامعة المستنصرية – عام 2007 عن رسالته الموسومة ( الحزب الشيوعي العراقي 1935 – 1949 ) . وهي جميعا رسائل غير منشورة فيما عدا رسالة الماجستير الموسومة ( الحزب الشيوعي العراقي من إعدام فهد حتى ثورة 14 تموز 1958 ) لسيف عدنان إرحيم القيسي والتي أشرف عليها الأستاذ الدكتور أسامة الدوري في 2010 .
يبدو أن هناك مفارقة بين أن الحزب الشيوعي العراقي , والذي مضى على تأسيسه 80 عاما , لم يكن له تأريخ رسمي مكتوب , رغم التوصيات العديدة التي خرجت بها مؤتمراته الوطنية وكونفرنساته الحزبية . فأقتصر الأمر على مذكرات قياديي الحزب والتي تحمل رؤية شخصية للأحداث وتخلو أغلبها من الوثائق الحزبية , وأنها كتبت بعد أن تقدم العمر بالرفاق وضعفت الذاكرة # . وبين عدد لابأس به من كتب وأطاريح جامعية لباحثين غير شيوعيين , تصدت لكتابة هذا السفر العظيم _ تأريخ الحزب الشيوعي العراقي _ يحتل الصدارة فيها كتاب الراحل حنا بطاطو بأجزائه الثلاثة وخاصة جزئيه الثاني المعنون الحزب الشيوعي العراقي , والثالث المعنون : الشيوعيون والبعثيون والضباط الأحرار . والذي علّق عليه أحدهم تثمينا لهذا الكتاب الذي إستغرق البحث فيه أكثر من عشرين عاما , من قبل كاتب ليس بعراقي , ولم يعرف عنه نزعة قرب من الحزب أو أفكاره . بل كانت الحيدة العلمية هي غايته , كان التعليق : لو عمل الشيوعيين العراقيين تمثالا لبطاطو من الذهب لما أوفوه حقه .
ترى مالذي دفع شيماء وقبلها مناف وأستاذهما مؤيد وكذلك سيف القيسي إلى إختيار تأريخ الحزب الشيوعي العراقي عنوانا وموضوعا لأطاريحهم الجامعية لنيل درجة الماجستير والدكتوراه , وهم جميعا ليسوا بشيوعيين ## . بالتأكيد هو التاريخ المجيد والمشرق والنضالي لحزب عريق لم يغلق ( دكانه ) كما فعل غيره من الأحزاب , عندما تشتّد الحملة والملاحقة الأمنية , طلبا للسلامة والأمان , ليعتكف من إعتكف داخل جدران بيته أو مكتبه . فبقي هو الحزب الوحيد الذي يشتّد عوده , ويتصلب رفاقه عند كل أزمة , فيجد على الدوام ملاذا له بين أهل العراق .
وربما للجو العلمي الذي ساد جامعات العراق بعد 2003 , ولأختفاء الخشية من ملاحقة الأجهزة الأمنية , وهي مجالس إدارات الكليات والجامعات العراقية التي كانت تضع تابو أمام هكذا بحوث وتريد (إعادة كتابة التأريخ ) برؤية وفكر حزب البعث الفاشي . وأخيرا للأنفتاح العلمي في جامعة ذي قار , مما شجّع على هكذا إختيار , ومن بحث وكتب وقدم إطروحته هو من أبناء المدينة , وبالتأكيد عاش وعايش نضالات منظمة الحزب في الناصرية وسوق الشيوخ ( قدمت شيماء شكرها لهم ) وكان بين ثنايا هؤلاء حب وإعجاب وتقدير لمثل حملها مناضلي المدينة الشيوعيين , وخاصة من إستشهد منهم وأولهم فهد بن الناصرية .
مايجمع هذه الأطاريح من مشترك , هو كم الوثائق التي إستند إليها كتابها , والتي لم تتوفر لبطاطو , مع الأخذ بنظر الأعتبار الفترة الزمنية الفاصلة بين بحثه وبحوثهم , وخاصة ملفات الأمن العامة وملفات وزارة الداخلية ( ملف الحركة الشيوعية في العراق وملف الدعاية الشيوعية ) وملفات وزارة العدل والملفات الشخصية لبعض القادة الشيوعيين ( بهاء الدين نوري ومكرم الطالباني وعامر عبد الله عمر العاني وغيرهم ) . والتي يبدو أنهم حصلوا عليها بعد السقوط المدوي عام 2003 لتوفرها خارج أماكن حفظها الرسمية ###
كذلك بعدد المقابلات الشخصية التي أجروها مع بعض قياديي الحزب المتواجدين في بغداد . وتشير شيماء بألم إلى أنها لم تستطع الأتصال بالسيدة أم إيمان ثمينة ناجي يوسف التي تتواجد حاليا في موسكو والتي حجبت عنوانها ولم يعد يعرف عنها شيء . حسب قول الباحثة مما حال دون الأطلاع على الأوراق الثبوتية لسلام عادل والموجودة لديها , بينما كان شقيق الشهيد سلام وهو حسن علي كاظم وولده وديع وهما على قيد الحياة في النجف , متعاونين معها ويزودانها بكل ماهو متيسر عن سيرته وشبابه .
ولكن هذا لم يمنعهم كباحثين وهم يغوصون في مباحثهم العلمية من الكتابة الحيادية . وبالتالي كتبوا خاتمة ضمنوها آرائهم بالفترة الزمنية موضوعة البحث , وفيها من النقد الشيء الكثير . ففي رسالة شيماء التي ناقشتها في 2012 , خاتمة من 12 فقرة , خمس منها تذكر إيجابيات عمل الشهيد وسمات شخصيته القيادية . وكرست السبعة الباقية لما تراه من قصور في قيادته للحزب للفترة من 1955 ولغاية شباط 1963 . وكان أبرزها :
= التباين بمواقفه وبالتالي موقف الحزب من حكومة ثورة 14 تموز .
= الخطأ بالمطالبة بالأشتراك في الحكومة .
= عدم الموازنة بين المد الجماهيري وطبيعة سياسة الدولة .
= إبقائه على تنظيمات الحزب سرية في كافة مدن العراق .
= ولاؤه المطلق لتوجيهات الحزب الشيوعي السوفييتي .
= الخلافات الشخصية بينه وبين أعضاء المكتب السياسي .
= وأخيرا عدم تقديره قوة العدو وحصانته وامداداته الخارجية وخاصة إستهانته بإمكانيات حزب البعث .
والملاحظ أن شيماء وهي تتحدث عن ((أخطاء قاتلة في سياسة سلام عادل )), توحي للقاريء أنه كان فرديا في قراراته ,. لكننا نراها في نفس الوقت تشيد بالقيادة الجماعية التي كانت تسود العمل التنظيمي طيلة فترة تبوءه المنصب الأول , ومتناسية أن هناك مكتب سياسي ولجنة مركزية وهيئة سكرتارية لها . كما أنها وقعت في مطب محاكمة الأحداث بمنطق مجريات الحاضر الآني متغافلة عن طبيعة الحدث في زمنه .
قسمت الباحثة إطروحتها إلى أربعة فصول : عنونت الفصل الأول ( سلام عادل ولادته ونشأته ونشاطه السياسي حتى 1955 ) والفصل الثاني ( نشاطه السياسي من عام 1955 حتى قيام ثورة 14 تموز 1958 ) أما الفصل الثالث فكان ( سلام عادل زعيما للحزب الشيوعي العراقي 1958 – 1963 ) وأخيرا الفصل الرابع ( موقف سلام عادل من القضايا السياسية الداخلية–

جالت الباحثة وتمحصت بيئة مدينة النجف مسقط رأس حسين أحمد الرضي , من منطلق أن لبيئة النجف السياسية تأثير كبير في نشوء الوعي السياسي لديه مشكلّة البدايات الأولى لتوجهّه الشيوعي . وتوقفت كثيرا عند الأجراءات التنظيمية التي قام بها سلام عادل لتعزيز الوحدة الداخلية للحزب بالقضاء على الأنشقاقات في بنيته , وإيجاد مرتكزات قوية للحزب في أوساط الشبيبة والطبقة العاملة والجيش ... حتى تكللت جهوده في عقد المؤتمر الثاني للحزب عام 1956 ( وهي تقصد الكونفرنس الثاني للحزب , فالمؤتمر الثاني عقد عام 1970 ).
ثم توقفت الباحثة للحديث وبالتفصيل عن الفترة التي تلت قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958 , ودور سلام عادل في تحقيق أهداف الحزب السياسية والشعبية , حيث تم عقد إجتماع أيلول 1958 , الذي وضع دراسة مستفيضة للواقع السياسي للحزب , والأحداث المستجدة على الساحة العراقية . ليتبع ذلك عقد موسع تموز 1959 والذي برزت فيه آراء مختلفة , قادت بعد ذلك لعقد الأجتماع الموسع عام 1962 , والذي أرسى سياسة الحزب في تخطي العقبات السياسية الداخلية التي واجهته . أما الفصل الرابع والأخير , فتتبع الباحثة فيه مجريات وأحداث ثورة 14 تموز 1958 وتأثيرها على قيادة سلام عادل في ظل المستجدات السياسية .
كقاريء إستمتعت بالعرض العلمي الشيق لسيرة شاب , وجد طريقه للتنظيم على يد صديق من أهالي الديوانية هو محمد حسين فرج الله , والذي رشحه لعضوية الحزب لدى لجنة مدينة الديوانية عام 1944 , والتي أرسلته شخصيا لبغداد , ليلتقي بزكي بسيم الذي هيأ له اللقاء بفهد , حيث لم يكتفي سلام عادل بالأجابة على أسئلة فهد , بل تقدم له بمجموعة أسئلة عن كيفية الأنتماء وطبيعة العمل الحزبي . وكانت نتيجة إعجاب فهد به , أن رفع عضويته للحزب دون أن يكمل فترة الترشيح , وأوكلت إليه مسؤولية التنظيم العسكري في الديوانية , بحكم إتصاله بالفرقة الأولى كمدرب للفريق الرياضي فيها .
عاد سلام عادل للديوانية ليعمل عضوا في لجنة المدينة الحزبية ومسؤولا عن التنظيم العسكري . ولكن سرعان مانجحت مراقبة السلطات الأمنية في الديوانية , من كشف تحركاته . فتم فصله من قبل مدير الجهاز الأمني في المدينة ( بهجت العطية ) عن التعليم . ليترك المدينة مرتحلا لبغداد , فيعرض عليه فهد , التفرغ للعمل الحزبي وإستلام ستة دنانير شهريا لقاء هذا التفرغ .. فيرفضها سلام , كتحدي لفصله على يد بهجت العطية . يفتح دكانا بعدها لبيع وجبات الأفطار ( الفشافيش ) في ساحة الوثبة ببغداد , متخذا إياه وكرا ومركزا لأستلام وتسليم البريد الحزبي , مكملا في نفس الوقت دراسته الأعدادية , ليعمل بعدها معلما في مدرسة الأكراد الفيلية الأهلية ( المدرسة الجعفرية ) ولم يمضي وقت طويل ولنشاطه بمظاهرات وثبة كانون 1948 , ألا وأن يفصل ثانية من وظيفته , فيجدها فرصة ذهبية للتفرغ الحزبي , وليفتتح في منتصف 1948 حانوتا لبيع القرطاسية والصحف في نفس الساحة ( ساحة الوثبة ) ببغداد .
يعتقل بعدها بعد أن تعرف عليه أحد عناصر الأمن , من أبناء مدينته النجف , أثناء مشاركته بمظاهرات شباط 1949 بعد إعدام قادة الحزب فهد وصارم وحازم ويهودا صديق وساسون شلومو دلال ( 1 ) . ليقضي بعدها مدة عقوبة بالسجن ثلاث سنوات في سجن بغداد المركزي وبالأقامة الجبرية لسنتين . وفي السجن أعيدت محاكمته لخطه كتبا ماركسية فمددت لخمس سنوات مع مائة جلدة . وسفّر بعدها إلى سجن نقرة السلمان , حيث نفذت فيه عقوبة السجن والجلد . وبعد رفضه شتم وفهد , وهتافه بسقوط حكومة نوري السعيد , أضيفت له خمسين جلدة أخرى .
في 1953 يخرج من سجن النقرة لتفرض عليه الأقامة الجبرية في الرمادي , الا أنه يهرب ويصل بغداد ليختبيء في بيت الشهيد طالب عبد الجبار مسؤول لجنة بغداد للحزب , وليستلم لاحقا مسؤولية المنطقة الجنوبية ( البصرة والناصرية والعمارة ) فيذهب للبصرة صحبة زوجته الشابة ثمينة إبنة المربي الفاضل ناجي يوسف مدير تربية الديوانية . وهناك في البصرة قاد الأضرابات المشهورة بين صفوف العمال , والتي بدأت في تشرين الأول 1953 بين عمال مصلحة نقل الركاب , وإمتدت لتشمل عمال اللاسلكي في الميناء , وإلى عمال البناء في الفاو , ومن ثم إلى عمال النفط وعمال مدينة الفاو وشركة نفط البصرة . وكان حضوره بارزا وفاعلا ومتواجدا فيها عبر تشكيله لجنة الأضرابات ولجنة المفاوضة .
كل هذا دفع بوزير الداخلية سعيد قزاز , للذهاب للبصرة مواجها العمال بقوات الشرطة التي قتلت متظاهرا وجرحت ستة ... فكان رد الحزب ممثلا بسلام عادل , توجيه نداء للعمال يشد من إزرهم , حيث إنظّم ما يقرب من الألف عامل من عمال محلة الجمهورية للمضربين . فتصدت لهم شرطة سعيد قزاز لتقتل منهم ستة , وأعلنت الأحكام العرفية وعين العقيد أحمد محمد يحيى قائدا عسكريا للبصرة ( 2 ) . ولنجاح سلام ولجدارته وتوجيهه للجماهير , قررت قيادة الحزب عام 1954 ضمه للجنة المركزية , حيق قدم لها تقريره الموسوم ( جبهة الكفاح الوطني ضد الأستعمار والحرب ) . والذي قسمه إلى قسمين : الأول يخص الوضع السياسي ومهام إقامة جبهة موحدة , والثاني تنظيمي حول بناء التنظيمات وتوعية الكادر وكيفية إختياره وتنمية الجانب الفكري , منتقدا الطريقة السابقة في الأختيار , حسب الأعتبارات الشخصية التي تؤدي إلى خسارة كوادر ثورية مجربة مخلصة . وموجها في الوقت نفسه عدة إنتقادات للقيادات التي تعاقبت على قيادة الحزب بعد إعتقال فهد في كانون الثاني 1947 , وبالأخص سياسة بهاء الدين نوري , متهما إياه بالفردية والبيروقراطية , وبأنها متخبطة بين الأهداف الآنية والمستقبلية , مربكة سياسة الحزب العامة , وإتهمه بالتفريط ببعض العناصر الثورية .
وكانت أهم محطة خارجية للشهيد هي تمثيله للحزب الشيوعي العراقي في مؤتمر الأحزاب الشيوعية والعمالية لدول الكومنولث البريطاني المنعقد في 21 نيسان 1954 بلندن . والذي عرض فيه تقريرا عن كفاح الحزب الشيوعي العراقي والعقبات التي إعترضته وكيف شق طريقه وسط الأعتقالات والنفي ومداهمات قوات الأمن , وكيف إستطاع من تكوين كادر حزبي مؤمن بمباديء الحزب ويناضل من أجلها .
بعد عودته من لندن , تسلم مسؤولية منظمة بغداد , حيث بادر فورا بتشكيل الخلايا الداخلية للحزب , وعقد إجتماعات دورية مع الأعضاء الجدد حرصا على توعيتهم بالنظرية الثورية وكان لهواياته في الرسم والخط والرياضة مدخلا للأختلاط بالشباب والفئات الشعبية ( 3 ) . ويبدو أن للشهيد ماثرة في تنفيذ فكرة ومن ثم إصدار النشرة الداخلية مناضل الحزب عام 1954 بالتشاور مع أعضاء منظمة لجنة بغداد , والتي لاتزال تصدر لغاية اليوم وهي المختصة بحياة الحزب الداخلية .
وفي أثناء قيادته للجنة بغداد بعد 1954 , نجح الحزب بتنشيط الواجهات العلنية لنشاطه وهي المنظمات الديمقراطية والمهنية ( الأتحاد العام لنقابات العمال ولجنة العدالة والأتحاد العام لطلبة العراق وإتحاد الشبيبة الديمقراطي ورابطة المرأة العراقية ) . ولم يكن العهد الملكي بغافل عن نشاط الشيوعيين , فأصدر نصا يقضي ب: ( تجريم كل من حبذّ أو روجّ أيا من المذاهب الأشتراكية البلشفية الشيوعية والأباحية وما يماثلها ........ مثل أنصار السلام أو الشبيبة الديمقراطي .. الخ ) .
وإستطاع الشهيد سلام أن يعقد إجتماعا للجنة المركزية في حزيران 1955 , والذي قررت فيه وبالأجماع تنحية حميد عثمان , ومنتخبة بالأجماع أيضا سلام عادل سكرتيرا لها . ويشير حسن علي كاظم الموسوي أخ سلام عادل إلى أن تمتع سلاما بالنشاط السياسي ولجماهيريته الواسعة وما له من رصانة حزبية وقدرة عالية في حل المشكلات الحزبية بإعطاء الحلول الناجحة , كانت السبب في إنتخاب رفاقه له ( 4 ) .
في تموز 1955 , عقد أول إجتماع للجنة المركزية بقيادة سلام عادل , وكان نقلة نوعية في الخط البياني لحياة الحزب الداخلية , وخاصة النظام الداخلي . وكان الأهتمام ملحوظا للعمل بين النساء , وذلك بتشكيل تشكيلات نسوية ترتبط باللجنة المحلية , لتوضيح الفكر الماركسي . كما بث الشهيد النشاط في التنظيم العمالي والفلاحي مستفيدا من تجربتين تنظيميتين خاضهما : الآولى في قيادته إضرابات العمال في البصرة عندما كان مسؤولا للمنطقة الجنوبية . والثانية أثناء عمله مسؤولا لمنظمة الفرات الأوسط ذات التكوين الفلاحي .
وفي أثناء ذلك قاد الشهيد مفاوضات وحوارات مع الجماعات المنشقة عن الحزب , عادت على أثرها كل من : راية الشغيلة / وحدة النضال / وحدة الشيوعيين العراقيين . كما جرى تغيير إسم جريدة الحزب ( القاعدة ) إلى جريدة ( إتحاد الشعب ) في أواسط حزيران 1956 . وبعد ذلك وفي أيلول 1956 عقد الكونفرنس الثاني للحزب بأحد دور منطقة تل محمد ببغداد الجديدة وبحضور أكثر من 25 مندوبا . ولم تكن الباحثة شيماء موفقة برأيها ((( بنيت مقررات الكونفرنس على توجيهات وسياسات المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي ))) فجاء تحليلا عائما غائما , دون أن تسنده بدليل أو عرض نقاط انقياد للمركز الأم ... ناسية أو متناسية بأن الكومنترن قد سبق حله . لا بل تذهب برأيها بعيدا جدا بقولها : (( وبهذا أثبت سلام عادل تبعية الحزب الشيوعي العراقي للحزب الشيوعي السوفييتي وليس حزبا مستقلا وهذا ما إنعكس سلبا على سياسة الحزب وفق التطورات الدولية . )) غافلة أنها تستشهد بآراء من كتبوا , معبرين عن وجهة نظر الخندق الآخر المعادي ( سمير عبد الكريم وهو الأسم الوهمي لعميل التحقيقات الجنائية الملكية ولاحقا الأجهزة الأمنية العراقية زمن الجمهوريات المتلاحقة بإصدارها عام 78 كتاب أضواء على الحركة الشيوعية العراقية ) . دون أن تكلف الباحثة نفسها بعرض وجهة النظر المضادة لهذا الرأي . ومستندة لفقرة إتباع سياسة التعايش السلمي التي وردت في مقررات المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي في شباط 1956 , وتبني الحزب الشيوعي العراقي لها .
كان أهم ماخرج به الكونفرنس الثاني للحزب هو : الجبهة الوطنية الموحدة والسياسة التحررية والمسألة الكردية . كما إنتخب الكونفرنس الثاني لجنة مركزية جديدة من خمسة أعضاء هم : عطشان ضيئول الأزيرجاوي / ناصر عبود / محمد صالح العبلي / جورج حنا تلو / فرحان طعمة . ومكتب سياسي من ثلاثة أعضاء : سلام عادل سكرتيرا أول للجنة المركزية / عامر عبد الله / جمال الحيدري . وثلاثة مرشحين للجنة المركزية هم : عزيز محمد الشيخ ( هكذا أوردت إسمه الباحثة ) وصالح الحيدري وعبد الرحيم شريف ( 5 ) .
كان أبرز ماتصدى له الشهيد هو المفاهيم البرجوازية القومية والتصفوية التي سادت بين أعضاء لجنة الفرع في كردستان للحزب الشيوعي العراقي , والتي صاغها في كراس معنون بذلك , إستطاعت ثمينة ونزار أن يضمناه كتابهما عن سلام عادل سيرة مناضل . وقد حصلا عليه من أرشيف الحزب الشيوعي العراقي في براغ . وقد رسم فيه الطريق الصحيح والأمثل لحل القضية الكردية , وذلك بإعطاء الحكم الذاتي حتى يتسنى لهم حق تقرير المصير في إختيار شكل الدولة التي يرغبون فيها ( 6 ) .
الأضافات والهوامش
------------------------------------------------------------------------------------
# أشهرها : 1 – مذكرات باقر ابراهيم . 2 – مذكرات بهاء الدين نوري . 3 – مذكرات رحيم عجينة ( الأختيار المتجدد ) . 5 – مذكرات زكي خيري ( صدى السنين في ذاكرة شيوعي مخضرم ) . 6 – مذكرات صالح الحيدري . 7 – مذكرات صالح مهدي دكلة ( من الذاكرة سيرة حياة ) . 8 – مذكرات عزيز الحاج ( مع الأعوام وذاكرة النخيل ) . 9 – عقود من تأريخ الحزب الشيوعي العراقي لعزيز سباهي وتعليقات جاسم الحلوائي عليها بحلقات تجاوزت الخمسين . 10 – مذكرات كريم أحمد الداود ( المسيرة ) 11 – مذكرات جاسم الحلوائي ( الحقيقة كما عشتها ) . 12 – حوارات مع عزيز محمد أجراها توفيق التميمي ونشرها في جريدة الصباح العراقية عام 2010 . 13 – سلام عادل سيرة مناضل لثمينة ناجي يوسف ونزار خالد .
## أورد الأستاذ الدكتور أسامة عبد الرحمن الدوري المشرف على رسالة الماجستير الموسومة ( الحزب الشيوعي العراقي من إعدام فهد حتى ثورة 14 تموز 1958 ) للطالب سيف عدنان ارحيم القيسي مايلي : سألت سيفا في بداية إشرافي العلمي على رسالته : هل أنت شيوعي ؟ فأجاب بالنفي , وكرر نفيه عندما سألته : هل تكره مباديء الحزب الشيوعي وتأريخه ؟ وكان هدفي من سؤالي , التثبت من أني أشرف على رسالة علمية أكاديمية لاتلفها الأهواء والأمزجة .ومن المفرح أن سيفا قد حصل على الدكتوراه في نهاية 2013 وفي نفس الموضوع الأثير لديه وهو تأريخ الحزب الشيوعي العراقي لمرحلة أخرى وهي الفترة الممتدة مابين 1968 – 1979
### من شرفة شقتي المطلة على بناية الطرق والجسور في كرخ بغداد والتي إتخذتها مديرية أمن بغداد مقرا لها بعد ضرب بنايتها في منطقة العلوية عام 1991 . شاهدت من نقل ملفات بالأطنان من سرداب البناية إلى سيارات الحمل , لأيام 10 و11 و12 و13 و14 و15 من نيسان 2003, عرفت بعدها أنهم من جماعة أحمد الجلبي رئيس حزب المؤتمر . كذلك حدثني البعض بأنهم شاهدوا مجموعات أخرى تنقل ملفات المخابرات العامة من سرداب الأسواق المركزية ( أورزدي باك ) في المنصور .
( 1 ) إعتادت أدبيات الحزب الشيوعي العراقي على ذكر القادة الثلاثة دون ذكر الأثنين الآخرين فالرابع يهودا أعدم شنقا معهم والخامس ساسون بعدهما بأشهر . وحتى يوم 14 شباط يوم الشهيد الشيوعي والذي يستذكر فيه وبإجلال أعضاء الحزب الشيوعي العراقي الذكرى العطرة للقادة المعدومين , لايذكر الأثنان الآخران .
( 2 ) هو نفسه العقيد ولاحقا العميد الذي عينه الزعيم عبد الكريم قاسم وزيرا للداخلية بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 . ويبدو أن الزعيم , إستعان بوجوه أمنية خدمت العهد الملكي بإخلاص منهم العقيد عبد الجليل مجيد الذي عينه مديرا للأمن العامة بعد الثورة , وكان يشغل سابقا منصب ضابط إستخبارات عسكرية في الفرقة الثالثة بديالى وكان متتبعا لتحركات الشيوعيين , بل يقوم بنفسه بمداهمة بيوتهم . ولم تنفع توسلاته لأنقلابيي شباط 1963 بأنه كان يحميهم ويرسل لهم تحذيرات كلما داهمهم خطر زمن قاسم , فاعدموه .
( 3 ) يذكر الراحل عامر عبد الله في مقالة له منشوة في طريق الشعب عام 1978 بأن الشهيد سلام كان فنانا في عمل ونسخ جوازات السفر ليخرج بها الرفاق لمهام خارج العراق . وأنه أي عامر , أتلف أحدها يوما ما , مما جعل الشهيد يوصيه برفع يده عنها عندا يتركه في الوكر الحزبي لمهام أخرى خارجه .
( 4 ) تتعدد الأسباب وراء قرار المسؤول الأول للحزب آنذاك كريم أحمد الداود , والذي كان متحمسا مع رفيقه ناصر عبود لتسليم سلام عادل مهام حزبية غير قليلة وإختياره للذهاب الى لندن كما أسلفنا . وبين إتصاله بحميد عثمان الهارب من السجن ليسلمه قيادة الحزب بوصفه الأجدر بها , وذلك حسب مايورده في مذكراته المنشورة أخيرا .
( 5 ) جميع الأسماء هم من غير الأحياء سواء من إستشهدوا أو توفوا وفاة طبيعية . بإستثناء فرحان طعمة هو الحي الوحيد الباقي , وقد زرته في بيته بالكاظمية قبل فترة قصيرة وهو يتمتع بصحة جيدة وذاكرة قوية . كما أنه صاحب ضيافة ببيته لزواره , لكنه يصمت عن تأريخه الشخصي وتأريخ الحزب الشيوعي العراقي , وربما يعود هذا إلى إنقطاع صلته بالحزب بعد إعتقاله عام 1957 زمن العهد الملكي .
( 6 ) الذي لفت نظري في الكراس أن الشهيد ذو ملكة كتابية وفكرية وبعد نظر مستقبلي , فلقد علق قائلا ومخاطبا قادة الفرع الكردي المطالبين بحل المنظمة والذهاب للحزب الديمقراطي الكردستاني : تتحدثون عن النفط الكردي وسراقه من الحكام العرب . ألا تنتظرون لغاية يوم آخر للحديث عن نفط عربي ونفط كردي.