- التفاصيل
-
نشر بتاريخ السبت, 20 كانون1/ديسمبر 2014 18:55
رشيد غويلب
في كلمتين منفصلتين تاريخيتين، قدم الرئيسان: راؤول كاسترو، والامريكي باراك اوباما، الاربعاء الفائت، تعريفا جديد للعلاقة بين بلديهما. فبعد تبادل المعتقلين بين البلدين، أعلن كلا الرئيسين تغييرات هامة، لعل اهمها اعادة العلاقات الدبلوماسية، بعد قطيعة تجاوزت الخمسين عاما.
وكان الرئيسان قد اجريا الثلاثاء الفائت مكالمة هاتفية استغرقت ساعة كاملة، في حدث يعد الاول من نوعه، منذ انتصار الثورة الكوبية في عام 1959.
وتناول الرئيس الكوبي في كلمته، التي بثتها جميع وسائل الاعلام المرئية والمسموعة في كوبا، مستجدات التطورات في العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية، وموقف حكومته منها، وقد اطلقت كوبا الاربعاء سراح آلان غروس الجاسوس الامريكي المعتقل لديها منذ عام 2009. وأطلقت ايضا سراح عميل المخابرات المركزية الامريكية، والذي يقبع في السجون الكوبية منذ 20 عاما، وكذلك سيتم العفو عن عشرات المعارضين السياسيين في كوبا.
وفي المقابل، وصل العاصمة الكوبية هافانا الثلاثة المتبقين من خمسة منتسبين لقوات الامن الكوبية، تم اعتقالهم عام 1998 في الولايات المتحدة الامريكية، اثناء محاولتهم الكشف عن خطط لمجموعات ارهابية ناشطة في ولاية فلوريدا الامريكية، دأبت على تنظيم عمليات اغتيال داخل كوبا، راح ضحيتها 3 آلاف مواطن كوبي.
وقال راؤول كاسترو: "كما وعد فيدل، عندما قال في عام 2001 انهم سيعودون، وصل ارض الوطن اليوم كل من غيراردو، ورامون وأنطونيو"، حيث حصل تقدم في المفاوضات مع الولايات المتحدة يؤشر امكانية الوصول الى حل للكثير من المشاكل.
وأضاف الرئيس الكوبي، فيما يتعلق باطلاق سراح الكوبيين الثلاثة ان "قرار الرئيس اوباما يستحق الاحترام والتقدير من لدن شعبنا"، وأكد كاسترو مجددا استعداد بلاده "لإجراء حوار على اساس السيادة، والمساواة والاحترام المتبادل". ويمكن ان يشمل الحوار القضايا المختلف عليها مثل السيادة الوطنية، الديمقراطية، حقوق الانسان، والسياسة الخارجية.
وطالب كاسترو حكومة الولايات المتحدة الامريكية إنهاء الحصار، التجاري المالي، الذي ما زال قائما ضد كوبا، منذ الغزو الامريكي الفاشل لكوبا في خليج الخنازير. وعلى الرئيس أوباما ان يستخدم صلاحياته، لازالة اية معوقات تعترض ذلك "وكما لاحظنا مرارا وتكرارا، يجب علينا أن نتعلم فن التعايش مع خلافاتنا بطريقة حضارية"، واضاف "سنتحدث عن هذه القضايا المهمة في وقت لاحق".
وفي كلمته اعلن اوباما عن اعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، وانه كلف وزير خارجيته حون كيري بالقيام بالمفاوضات اللازمة بهذا الشأن. ومنذ عهد الرئيس الامريكي الأسبق جيمي كارتر، تملك الولايات المتحدة الامريكية ممثلية في العاصمة الكوبية هافانا، والآن سيتم فتح السفارة الامريكية ثانية هناك. واشا ر أوباما الى جملة من الاجراءات على طريق تحسين العلاقات مع كوبا: حرية السفر بالنسبة لمواطني الولايات المتحدة، والتحويل المصرفي، والتبادل التجاري. وخلص اوباما الى "فشل سياسة العزل ضد كوبا"، ويريد اوباما السعي لدى الكونغرس الامريكي من اجل انهاء العمل بالقوانين التي تفرض الحصار على كوبا.
وسيكون من المثير حقا متابعة ردود فعل مجلسي الشيوخ والنواب الامريكييين مع خطط اوباما. ومباشرة بعد انهاء الرئيس الامريكي لكلمته، تعرض لهجوم شديد اللهجة من قبل السناتور الجمهوري كوبي الاصل ماركو روبيو، وعلى نفس المنوال تقريبا كان رد فعل الديمقراطي بوب مينينديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ناهيك عن رد فعل المعارضين الكوبيين في ولاية فلوريدا. ولكن ليس لدى اوباما ما يخسره، ومنذ وقت طويل لم يعد الموقف من الحصار الامريكي لكوبا قضية محصورة في إطار حزب بعينه. ومن هنا فان فوز الجمهوريين في الانتخابات التكميلية برأي الاوساط الدبلوماسية الكوبية سيكون مفيدا، لان الديمقراطي مينينديز سيفقد رئاسة لجنة العلاقات الخارجية.
وقوبل هذا الحدث باحتفالات جماهيرية في كوبا، وبترحيب واسع حتى في أوساط واسعة، ومن مختلف أجيال الكوبيين المهاجرين الى الولايات المتحدة الامريكية.
وفي البرلمان الكوبي جرى الاحتفال بالمناسبة، وعكست كلمات وتصريحات النواب حالة الفرح التي عمت الجميع، والتأكيد على ان كوبا حققت نجاحا تاريخيا من دون ان تتنازل عن قناعاتها وقيمها الثورية.
وفي جميع انحاء العالم قوبل الحدث بارتياح كبير، لأنه يعكس تغيرا في السياسة الامريكية، وليس بعيدا عن نجاح كوبا بإقامة علاقات مع بلدان الاتحاد الاوربي، وهو امر محرج للولايات المتحدة، التي بقيت متمسكة بسياسة الحصار العدوانية، على الرغم من إدانة الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذه السياسة 23 مرة، كان آخرها في شهر تشرين الاول الفائت.