- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 13 كانون2/يناير 2016 18:32

لست لغوياً، لذلك لا اعني بالمرور: مرّ يمرّ مروراً. فكل هموم الشعب ومشاكله وقضاياه تمر على الدولة مروراً، واجوبتها عادة : سننظر في ذلك، أو: كلفت لجنة تتحرى الاسباب . علما ان الاسباب واضحة يا سادة، ونحن ذكرناها لكم!
عموماً أعني بالمرور هنا جهاز المرور، شرطة المرور، تخطيط خبراء المرور، عُقد واشكالات المعاملات في المرور، مصائب المرور ومتاعبه في بغداد وبقية المدن.
وضعت سلاسل تمنع العبور من غير المناطق المخصصة .. حسنا،ً حتى يعتاد الناس على المرور من المناطق التي تضمن سلامتهم وسلامة المرور. والمفترض انه بعد سنة ، سنتين، يكتسب الناس العادات الصحيحة، ويأتي وقت ترفع فيه السلاسل. لكن هذا لم يحصل، سلاسل جديدة حلت محل القديمة، ما السبب؟
الجواب ليس الشعب المخالف الذي لا يحب النظام، كما يقولون عنه. ولكنه عدم تقدير حال الناس. فكيف لمن يسحب عربة محملة، يلهث وبالكاد يسحبها ويجهد نفسه طول الطريق؟ الناس تحتمل، تتحمل المتاعب، ولكن تصل حدا تتمرد فيه، تكسر السلاسل كي تعبر باقصر الطرق. الحق مع من؟ لو تيسرت سبل اولاء الكادحين، لو تفهمنا عذاباتهم لفكرنا في حل بطريقة نعينهم بها، ونحفظ النظام. نحن نعرف المنع، ولا نعرف الحلول.
سنوات حتى اعتاد الناس على طريق الذهاب وطريق الاياب. تعبت اجهزة المرور وتوجيهاتهم وعقوباتهم والاعلام المدني، حتى صار مفهوماً ان الذهاب بطريق الاياب خطأ مروري وراءه عقوبة.
لكن كل هذا نسف في ايام. بدأت السيارات العسكرية المخالفة، وبدأت الدبابات تستدير للتخلص من الزحام، واصحاب المخازن المتنفذون يفتحون لها (بالاتفاق) ممرات. هكذا، ما كاد الناس يتعلمون المرور في اتجاه واحد، واكتسبوا العادات المرورية الصحيحة، حتى اخترقت النظام سيارات الدولة، سيارات الجيش، المفارز، وتبعتها الاطفاء، وتبع اولاء او سبقهم المسؤولون «المتحضرون»!
اكثر من هذا اغلقت هذه الوزارة الشارع، واغلقت المؤسسة الفلانية شارعها، واغلق الحزب الفلاني الطريق ليطمئن. ولا احد يفكر في الناس وفي الطريق وانظمة المرور. وهكذا اجبروا الناس على المرور من غير الطريق السليم والمباشر، وضاعت سنوات التدريب والتحضر. وحتى اليوم لا يزال الناس يعانون في الوصول إلى بيوتهم. فمرورهم ذهاباً واياباً يتم من طريق واحد، لان الثاني مصادر بحجة الامن. وكأن حقوق الناس في الطريق مسألة ثانوية.
هكذا يا مديرية المرور لا تترسخ عادات مرورية صحيحة، بل تترسخ الاخطاء والانتهاكات والفوضى!
نحن في العراق لا ندري من هو المسؤول عن المرور؟ العسكر يغلقون ويفتحون، وهذا المسؤول وذاك يغلق ويفتح، والاحزاب والمؤسسات والمدارس الدينية تغلق وتفتح ..! أضرب لكم مثلاً: مدير «مركز» هو في الحقيقة مدرسة دينية تعادل او لا تعادل الثانوية، اغلق الشارع بالبلوك من جهة، واغلقه نصف اغلاق من الجهة الاخرى. يخاف على نفسه. كوم الشرطة غير كاف لحمايته. لم يسأل نفسه وهو رجل دين، كيف تدخل سيارة القمامة، وكيف تستدير، وماذا اذا حدث حريق او انفجار، كيف تنجد الناس بل كيف تنقذهم ؟
سلطنة وغياب دولة وكأن هذه ليست مهمة المرور. غلق الطرق يتحكم به مزاج ناس عرفوا الجاه بعد ان ادمنوا البؤس، فهم لا يحسنون التصرف.
المرور هنا مطالب بان يقول كلمته!
راصد الطريق*