مدارات

كلمة افتتاح مؤتمر بغداد لحركات الاحتجاج

صباح الخير .. طاب نهاركم ..
ان أجمل أمر في هذا اللقاء هو توحدنا، فنحن نتوحد بقبضة قوية، نتوحد بالعزم والإصرار والعناد لمواجهة طغمة الفساد، هذه الطغمة التي نهبت أموال العراق ورهنت حاضره وتحاول أن تتطاول على مستقبله. ان هذه الطغمة التي انحنت في لحظة صعود زخم حركة التظاهرات في الأسابيع الأولى، لكنها سرعان ما عادت مجدداً لتقف ضدنا مستخدمة جميع الأساليب الدنيئة من تضييق وتشهير واعتقالات وتخويف، كما انها استلت من إرث الدكتاتورية البغيضة سياسة الترغيب والترهيب، في سعيها إلى إسكات صوت الحق الصارم الهادر القوي المستند إلى الحقوق والمطالب المشروعة التي تمثلونها انتم، نساءً ورجالاً، شيوخاً وشباباً .
نعم تراجعت اعداد المتظاهرين بعض الشيء في ساحات التظاهر الرئيسة، لكن حركة الاحتجاج ليست محصورة في ساحات التظاهر الرئيسة في أيام الجمع، فحركة الاحتجاج تشهد توسعا افقيا كبيرا في قطاعات العمل، وفي المناطق الشعبية وأحزمة الفقر.ان حركتنا مستمرة وقوية وفاعلة ولن تتراجع إلا بتحقيق مطالبها المشروعة والمعقولة والمقبولة، التي تحققها أية دولة تحترم شعبها وتحترم نفسها ولكن المتنفذين في بلدنا لم يبق عندهم ذرة من الاحترام لهذا الشعب. لذلك علينا المواصلة.
نحن متباينون ومختلفون ولنا وجهات نظر متعددة وتقاطعات كبيرة ولكننا متحدون في مجابهة طغمة الفساد التي أوهنت البلاد. هذه الطغمة بنت وجودها على أساس المحاصصة الطائفية والأثنية، وهو ما نعده اس البلاء، كما وفرت المحاصصة مناخا للإرهاب ومساحة للفساد، الذي تمترس في جميع مفاصل الدولة وأصبح منظومة قوية يتحكم بنا. له مؤسسات ومليشيات وسلاح وبنوك وإعلام وفضائيات تدعمه. وللأسف الشديد كما له مندسون في هذه التظاهرات.
ان حركة التظاهر في استمرارها استطاعت أن تجيب على الكثير من الأسئلة.
بتعدد الشعارات ووجهات نظرنا التي نحملها جميعاً استطعنا أن نلخص ثلاثة مطالب رئيسة:
المطلب الأول: التغيير في بنية النظام السياسي من البناء على أساس المحاصصة الطائفية والاثنية إلى إعادة البناء على أساس المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات من دون استحواذ و تهميش.
المطلب الثاني: مكافحة الفساد الذي ابتلينا به وهو الوجه الآخر للإرهاب ، لا بل هو قاعدة الإرهاب.
المطلب الثالث: الخدمات وكما معروف فقد انطلقت التظاهرات من أجل الخدمات ولكن لم يتحقق شيء منها.
وإن كان هناك من يسأل لماذا لم تتحقق الخدمات ؟ نقول ان الميزانية التي خصصت للخدمات يستنزفها الفساد، والفساد متمرس في مفاصل الدولة وتحميه المحاصصة الطائفية، وفي الموازنات السابقة كانت تخصيصات مالية إلى الخدمات،ولم يتحقق شيء يذكر في الواقع فكيف الحال وان موازنة 2016 قد غاب عنها موضوع الخدمات.
كما تلوح الصورة امامنا ، كما في العام الماضي، صيف لاهب، فما هو الجواب على نقص الكهرباء والماء وتفشي الكوليرا والأمراض، وماذا يمكن ان تقدم هذه الطغمة لإصلاح الوضع؟ أنها عاجزة تماماً عن تقديم شيء ولكنها مستمرة في حماية نفسها من غضب الشارع. هذا الغضب يمكن ان يتضاعف لو توحدنا . وما نقوم به اليوم هو الخطوة الأولى والقوية والمباركة لتوحيد خطابنا وسنحاصرهم بالتأكيد.
واصلنا العمل بمختلف الأساليب انطلاقاً من أسس الحركة الاجتماعية عبر أساليب الضغط العديدة من تظاهر واحتجاج وحملات تواقيع، وكذلك من أعمال مدافعة وطرح قوانين وأوراق سياسية ولكن المتنفذين لم يستجيبوا لنا. استخدمنا الاتصال والتقيناهم والتقينا كذلك المراجع الدينية والتقينا كل من يؤثر على أصحاب القرار لكي يرعووا وأن يستمعوا إلى صوت الشعب ولكن للأسف الشديد أداروا ظهرهم.
وعليه لا يوجد أمامنا خيار إلا الاستمرار وها نحن مستمرون وبوحدتنا سننتصر. واليوم نوجه رسالة إلى الجميع مضمونها أننا متحدون ومستمرون.. مستمرون.
مؤتمر بغداد لحركات الاحتجاج
بغداد 29 كانون الثاني 2016