مدارات

آلاف المتظاهرين ضد "مؤتمر الأمن" في ميونخ

رشيد غويلب
مشاركة العراق رسميا في ما يسمى بمؤتمر الأمن، الذي يعقد سنويا في مدينة ميونخ الألمانية. جعلت مجريات المؤتمر، في السنوات الأخيرة متداولة في وسائل الأعلام العراقية، فما طابع المؤتمر؟ وما أهدافه الحقيقية؟
إن "مؤتمر ميونخ للامن" فعالية خاصة وغير رسمية، على الرغم من مشاركة المراكز العسكرية والاقتصادية المتنفذة في العالم في جلساته، وتحديد مساراته بما يتفق مع مصالحها الجيو - سياسية. وبهذا المعنى فالمؤتمر يجري بعيدا عن ألأطر الرسمية للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والدولة الألمانية المضيفة، وهذا الشكل يسهل على مراكز القرار في حلف الناتو والدول الغربية تمرير استراتيجياتها، من دون ان تطالب حكومات هذه البلدان تقديم إيضاحات بشان ما يتمخض عنه المؤتمر.
ويشارك في المؤتمر قادة الناتو، وجميع المؤسسات المخابراتية، ومؤسسات البحث في الشؤون العسكرية، ويحضره عادة رؤساء الدول الاعضاء لحلف الناتو، او من يمثلهم، وممثلو شركات السلاح الكبرى في العالم، بالاضافة الى بلدان أخرى، تتم دعوتها حسب الأولويات العسكرية والامنية لبلدان الحلف، وشارك في أعمال هذه الدورة 30 رئيس جمهورية وحكومة و 70 وزير خارجية ووزير دفاع ، كان بينهم رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، ورئيس الاقليم مسعود البارزاني. ومهمة المؤتمر مناقشة قضايا الساعة في العالم من زاوية المصالح الاقتصادية والعسكرية للدول الغربية، ووضع الاٍستراتيجيات العسكرية والسياسية المطلوبة.
وتبلغ تكاليف المؤتمر، الذي يعقد تحت حماية مشددة بمشاركة وحدات من الجيش الألماني، 2 مليون يورو تقريبا، يتبرع حلف الناتو بأكثر من نصفها. وترى حركة السلام، وقوى اليسار في المؤتمر سوق سنوي للنفاق، وازدواجية المعايير، والأكاذيب. وان قادة الناتو العسكريين، والسياسيين، الملطخة أيديهم بالدماء، وتستند حروبهم على الأكاذيب، ويمارسون جميع أشكال انتهاكات القانون الدولي.
ولهذا يجب أن تؤخذ تصريحات مدير المؤتمر الدبلوماسي الألماني السابق فولفغانغ ايشنغر على محمل الجد، ففي الخميس الفائت، وقبل يوم واحد فقد من بدء أعمال المؤتمر في عاصمة ولاية بافاريا الألمانية، طالب ايشنغر بمشاركة اكثر فعالية للجيش الالماني في الصراع الدائر في سوريا " نحن بحاجة إلى انطلاقة اقوى". ويبدو ان مخاطر توسيع دائرة الحرب والمشاركة في الساحة السورية، والمتمثلة في خطر اندلاع "حرب عالمية ثالثة"، على حد قول بعض المتابعين لا تعني شيئا بالنسبة إلى القائمين على المؤتمر. ويأتي هذا التصريح منسجما مع دعوات عسكرة السياسة الخارجية الألمانية، التي شددت عليها كلمات رئيس الجمهورية الألماني ووزيري الدفاع والخارجية في افتتاح النسخة السابقة من المؤتمر.
وناقش المؤتمر، بين أمور أخرى، صراع الغرب مع روسيا الاتحادية، وتصاعد الصراع في سوريا، والتنافس المتصاعد مع الصين.
حركة احتجاج واسعة ومتنوعة

وكما هو معتاد سبقت وتزامنت مع أعمال المؤتمر حركة احتجاجية واسعة ومتنوعة شارك فيها أكثر من 100 منظمة اجتماعية وسياسية، وشارك في التظاهرة الرئيسة، والفعاليات الأخرى 4 آلاف ناشط، وسارت التظاهرة أمام فندق "بايرشه هوف" حيث تعقد جلسات المؤتمر، ونظمت بالتوازي مع التظاهرة، سلسلة بشرية في الشارع الرئيس للمشأة في مركز المدينة، وكانت ساحة "مارين بلاتس" الشهيرة وسط ميونخ، حيث يكثر المارة والسياح، على موعد مع التجمع النهائي للتظاهرة. وافتتح التجمع بكلمة من كلاوس شيرر الذي يرأس لجنة الاحتجاج منذ عام 2002 . واستمع المحتجون إلى تقرير قدمته إحدى نائبات "حزب الشعوب الديمقراطية" في البرلمان التركي، تناولت فيه سياسة اردوغان العدوانية ضد قوى اليسار والشعب الكردي، مشددة على ان تركيا تعد من الحلفاء الرئيسين لحكومة المستشارة الألمانية "ميركل"، وان اوروغان تلقى 3 مليارات يورو لغرض إغلاق الحدود بوجه اللاجئين. وتحدث في التجمع الختامي المغني اليساري المعروف قسطنطين فكر، وراينه براون من "شبكة التنسيق من اجل السلام"، الذي طالب بحل حلف الناتو، واعتماد سياسة تفاهم جديدة مع روسيا. وطالب مايك نغلر من الحركة المضادة للعولمة (اتاك)، بحل "موتمر الأمن" الذي يعقد تحت شعار "السلام عبر الحوار" ويعني في الواقع تبرير الحروب وسياسة العسكرة. واستمع الحاضرون إلى كلمة "هايكه هنزل" عضو كتلة حزب اليسار في البرلمان الالماني، التي تناولت محاولات الحكومة الألمانية وضع شروط على البرلمان بخصوص قراراته بشأن تدخل الجيش الألماني في الصراعات المسلحة خارج حدود المانيا.
يذكر ان الحزب الشيوعي الألماني والشبيبة الشيوعية، وحزب اليسار ومنظمته الشبيبية قد أسهموا بفعالية في الاحتجاجات المضادة للمؤتمر