مدارات

بيان بمناسبة الذكرى الواحدة والستين لتأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية

يسعدنا في هذا اليوم الأغر؛ الخامس عشر من فبراير 2016 ، أن نحتفل بمناسبة الذكرى الواحدة والستين لتأسيس حزبنا "جبهة التحرير الوطني البحرانية"، كأول حزب سياسي يسترشد بأيديولوجية "الماركسية اللينينية" ويبشر بأفكار "الاشتراكية العلمية" في بلادنا، المنطلقة من مصالح الطبقة العاملة وسائر شغيلة اليد والفكر. لقد ربط حزبنا دائما بين المهام الوطنية والقومية والأممية، فاستجابت برامجه لمقتضيات العمل الوطني الديمقراطي، وعبر بإخلاص للمثل الثورية للطبقة العاملة وفكرها الثوري الأصيل ومبادئها الأممية البروليتارية
لقد لعبت جبهتنا منذ تأسيسها دوراً مميزاً ِفي نضال شعبنا، جنباً إلى جنب مع سائر القوى الوطنية والتقدمية. وأسهمت إسهاماً رفيعاً في مواجهة الاستعمار البريطاني والسياسات غير الوطنية والرجعية للسلطات الحاكمة في البحرين. ومن أجل الاستقلال والتحرر الوطني والديمقراطية. وقد خاضت الجبهة، رغم وحشية الحكم الاستعماري الرجعي وبطشه، سلسلة من المعارك الوطنية والطبقية، وقدمت في هذا السبيل التضحيات الكبيرة، التي لا يعوضها إلا ذلك التصميم الكبير على متابعة مسيرة النضال من أجل التنوير والديمقراطية الحقيقية والتقدم والعدالة الاجتماعية
تمر هذه الذكرى المجيدة وبلادنا لاتزال تعيش أكثر من خمس سنوات أزمة سياسية مستعصية؛ حلّها يستلزم حوار وطني شامل، وتنازلات من كافة الأطراف، بغية إزالة العقبات، للخروج من تداعياتها السياسية والاجتماعية، أبرزها تلك الاصطفافات الطائفية الغريبة على المجتمع البحريني المتعايش والمتعدد، مما ساهم في استغلالها من قبل أعداء الديمقراطية، الذين تعاظمت سطوتهم في الحكومة والدولة، وزاد نفوذهم السياسي والاعلامي المنحاز للتفتيت المجتمعي على اساس طائفي بغيض. وتضاعفت مواقفهم المعادية للعملية الاصلاحية والديمقراطية وتطور الحياة السياسية على قاعدة ميثاق العمل الوطني. وقد ازدادت هذه الأزمة تعقيداً اثر الحلول الأمنية المفرطة، واتساع عمليات العنف والارهاب، وتطرف "المعارضة" المناكفة، المنطلقة من فكر فئوي. والواقعة تحت التأثير الخارجي الايراني والأمريكي
ويأتي الاحتفال بهذا اليوم في ظروف اقتصادية صعبة تعود جذورها؛ ليس فقط كما يشاع إلى تدني أسعار النفط. بل إلى السياسة الاقتصادية الخاطئة التي تنتهجها الحكومة؛ المسؤولة عن ارتفاع حجم المديونية الداخلية والخارجية، وعدم قدرتها على سداد الدّين العام، بسبب ارتفاع عجز الموازنة، وهدر المال العام. إن انخفاض معدل النمو وغياب استراتيجية واضحة للتنمية الاقتصادية، أدى إلى سوء توزيع الدخل وإلى تعمق التفاوت الطبقي والاجتماعي. بجانب ازدياد معدل الفقر والبطالة، وارتفاع الأسعار والتضخم، وتردي الأوضاع المعيشية، وتفاوت حاد بين الطبقات الاجتماعية التي انحصر في طبقتين؛ أقلية فاحشة الثراء وأكثرية مسحوقة. بالاضافة إلى تآكل الطبقة الوسطى. إلا أهم الأمثلة على تلك السياسة الخاطئة التي بنيت على اقتصاد ريعي غير متنوع، في ظل سيطرة الرأسمالية الاحتكارية، هو ركون النظام الآن على إجراءات غير مدروسة متجسدة في إزالة دعم السلع الاستهلاكية، وجعل المواطن الفقير يدفع ثمن تبعات تفشي الفساد، ونهب وسرقة الثروات العامة، من قبل الطبقة الطفيلية (الكمبرادورية) المتنفذة على صعيد السلطة والمهيمنة على مجمل النشاط الاقتصادي في بلادنا
من هنا ترى الجبهة ان التحديات، التي تواجه الحركة الوطنية والديمقراطية في الخليج بالغة الخطورة على الصعيد الدولي والاقليمي، لا تنفصل عما يدور في الساحة العربية. ويزداد حجم هذه التحديات في ظل غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ودولة المؤسسات والقانون الفعلية. ولا شك ان المشاريع الأمريكية التفتيتية في المنطقة، الداعمة للإسلام السياسي واستبداد الديكتاتوريات الحاكمة في معظم الدول الخليجية والعربية، وتفاقم مخاطر الارهاب والتقسيمات الطائفية، المرتبطة بمخططات النظام الايراني. وبالحركات التكفيرية الجهادية، المتمثلة في الاسلام السياسي السني، وفي مقدمتها تنظيم داعش الاجرامي، المعادي للإنسانية، والمموّل بأموال خليجية- سعودية قطرية- وبدعم لوجستي تركي، قد ساهم في تردي الأوضاع السياسية في المنطقة، حيث أن هناك خطورة فعلية لانتشار حرب عالمية! وبالتالي فإن مكافحة داعش والتطرف والارهاب عموماً، يحتاج إلى نشر قيم التسامح والمحبة وحرية التفكير والمعتقد والفصل بين الدين والدولة وترسيخ دولة المؤسسات، بجانب تكاتف كافة المؤسسات الدولية بعيداً عن المعايير المزدوجة للقوى الاقليمية والدولية
فكيف يتم التصدي للإرهاب وسياسة الولايات المتحدة، التي ازدادت نزعة التفرد لديها، وأخذت تلجأ إلى الكيل بمكيالين، في معالجة مختلف القضايا وفقاً لمصالحها دون أي إعتبار للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية ؟! .. سؤال يفسر أبعاد الحملة الشرسة، التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة المعادية للموقف الروسي من الارهاب، الذي بات تأثيره الايجابي واضحاً في تعزيز الوحدة الوطنية ودورالدولة ككيان وطني يستدعي الحفاظ عليه، وهو ما يحصل للدولة السورية، كي لا تتكرر تجربة ليبيا التي تعيش فراغاً سياسياً، الأمر الذي أدى إلى تغزيز نفوذ داعش وغيرها من الحركات الارهابية
وتدعم الجبهة مبادرة الحزب الاشتراكي اليمني الشقيق، الداعية كل الأطراف السياسية والقوى الاجتماعية والوطنية إلى النهوض بمسؤوليتها الوطنية والتفاعل الايجابي مع مشروع التسوية السياسية الهادفة إلى الايقاف الفوري للحرب العبثية والعمليات العسكرية التدميرية (عاصفة الحزم)، والقتل والدمار التي تشهده اليمن، والعودة بإخلاص إلى المسار السياسي لإيجاد معالجات وطنية شاملة لمظاهر الأزمة، التي لا تجد طريقها إلى الحل العادل والدائم إلا عن طريق طاولة الحوار، واستعادة العملية السياسية الفاعلة، وضمان التنفيذ الفعلي لقرار مجلس الأمن رقم 2216 المتعلق بالتسوية السياسية المطلوبة للأزمة اليمنية
إن التطورات الخطيرة على صعيد القضية الفلسطينية تعبر عن تفاقم الارهاب الصهيوني، والتأييد الأمريكي للسياسة الإسرائيلية المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني، وتقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة، كما تعبر عن تطرف "حماس" في تعاطيها مع القضية الفلسطينية ومع فصائل المقاومة الأخرى، مما ساهم في تفرد الكيان الصهيوني بالحروب المتواصلة على غزة .. تلك الحروب التي حصدت أرواحا كثيرة؛ من ذبح الأطفال وهدم البيوت ومحاصرة المدن واغتيال الشخصيات الوطنية وتدمير البنية التحتية في ظل صمت عربي مريب
إننا في الذكرى الواحدة والستين لتأسيس الجبهة نناشد كافة القوى والعناصر الوطنية والتقدمية في بلدنا، مضاعفة الجهود من أجل تعزيز الوحدة الوطنية للوصول إلى حل يرضى الجميع. وتوجيه كافة الطاقات نحو مكافحة الارهاب، أياً كان مصدره وتحقيق الأهداف الوطنية والديمقراطية. ونناشد الحكم للعودة إلى روح الميثاق الوطني للسير ببلدنا نحو آفاق اصلاحية حقيقية
عاشت الذكرى الواحدة والستون للجبهة
عاشت الحركة الوطنية والديمقراطية والتقدمية
المجد والخلود لشهداء الجبهة والحركة الوطنية وكل الذين سقطوا من أجل الحرية والاستقلال والتقدم الاجتماعي
جبهة التحرير الوطني ــ البحرين
15 فبرايـر/ شباط 2016