مدارات

هكذا هم الشيوعيون / د. صبحي الجميلي

ليس في تاريخ الشيوعيين العراقيين ما يخفونه من مواقف تجاه مختلف قضايا الشعب والوطن، وهذا ديدنهم منذ ان وضعت اللبنات الاولى لـتأسيس الحزب الذي نقترب من ذاكراه الـ 82. فهم لم يعرفوا التورية على ما ينوون ويخططون من اجل فعله، فاقوالهم وافعالهم منسجمة تماماً مع مبادئهم وقيمهم النبيلة، التي يتسامون بها عن الدسائس والمؤامرات، وطأطأة الرأس حتى تمر العاصفة، واستبطان ما يرغبون ويريدون.
سياستهم معلنة وعلى رؤوس الاشهاد، يعرفها القاصي والداني، وحتى وأن اخطأوا فهم المبادرون الى اعلان ذلك، بلا وجل او تردد، بل هم من الاحزاب القليلة، وربما ينفردون في ذلك، التي دأبت على تقويم سياستها واستخلاص العبر والدروس منها، فالشيوعيون ليسوا حدثاً عابراً طارئاً، وتنظيماً تكون لمنفعة شخصية لهذا الشخص او ذاك، او قام كردة فعل، فهو نبتة طيبة في تربة خصبة معطاء ووجوده يعكس مصالح جماهير واسعة، وهي التي احتضنته ودافعت عنه، ولا زالت تمده بطاقات الشباب الخلاقة.
هذا هو منهج الشيوعيين وتجسد ذلك على نحو متميز بعد المؤتمر الخامس (1993)، مؤتمر الديمقراطية والتجديد، فقد تبنى شعار علانية الفكر والسياسة، وجسد الحزب ذلك في الممارسة العملية.
وفي مواقفه هو ابعد ما يكون عن الانتهازية وتحقيق منفعة ذاتية له، قدر ما يضع مصالح الوطن والشعب العليا نصب عينينه في كل خطوة او موقف يتخذه، ولا يتردد لحظة واحدة في اعلان ذلك، مهما غلى الثمن، وكلفته مواقفه التضحيات الجسام.
ليس في تاريخ الحزب ما يستحي منه، وبالتالي ليس هناك ما يخفيه ويستبطنه غير ما يرد في وثائقه المعلنة وتصريحات قيادييه، وان اخطأ فيقول ذلك وبثقة كبيرة وعالية بالنفس، وبالشعب الذي قدم اغلى التضحيات من اجل قضاياه العادلة.
ولكن البعض لا يروق له ان يرى الحزب معافى مساهماً نشطأ، ومدافعاً اميناً عن مصالح الناس، والفقراء والكادحين خاصة، بل ويغيظهم اي نجاح يحققه الحزب. ومن هنا جاءت مواقف وتصريحات البعض التي تفتري على الحزب وتريد ان تفسد ما بناه من علاقات متينة مع مختلف الاوساط والقوى الوطنية، ويسعى هذا البعض دوماً الى خلط الاوراق ونبش الماضي، والتسمر على ذات المواقف وترديد الاسطوانات التي غدت مشروخة وصدأت منذ زمن.
وفي اليقين فان الحزب لن ينجر الى معارك ثانوية، تلهيه عن ما هو اساسي، وخصوصاً في هذا الوقت الحرج الذي تمر فيه بلادنا، والصعوبات الجمة التي تعانيها، ما يتطلب الارتقاء الى مستوى التحديات ولملمة صفوف الوطنيين الحقيقيين وتكثيف المساعي والجهود للمساهمة في اخراج بلادنا من أزمتها.