- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأحد, 03 نيسان/أبريل 2016 19:51
رشيد غويلب
للمرة الأولى منذ نهاية الصراع بين الشرق والغرب، وانتهاء حقبة الحرب الباردة، تتمركز قوات ودبابات وعربات مدرعة أمريكية، بشكل دائم على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وأعلن القائد العام للقوات الأمريكية في اوربا الجنرال فليب بريدلف في "يوميات الجيو- سياسية" الصادرة عن مركز التحليل " ستراتفور" الأمريكي الشهير، إن هذا لن يغير من عموم الوضع القائم في اوربا". ويمثل الصفحة الأخيرة في "عمليات حسم الأطلسي"، التي تمثل رسالة واضحة إلى الحلفاء في الناتو والى روسيا الاتحادية كذلك، مفادها ان الولايات المتحدة تأخذ مسؤوليتها بشأن الأمن الجماعي لحلف الناتو على محمل الجد.
وبهذا سيتم تعزيز وجود الجيش الأمريكي و المعدات القتالية الحديثة في اوربا. وان الولايات المتحدة وحلف الناتو يحولون الإستراتيجية من "الأمن إلى الردع": " نحن مستعدون للقتال والانتصار عندما يجب علينا القيام بذلك" على حد تعبير الجنرال الأمريكي. واعتبارا من ربيع عام 2017، عندما تدخل موازنة وزارة الدفاع الأمريكية الجديدة حيز التنفيذ، ينبغي ان تناوب، وفق الخطط الجديدة، ثلاثة ألوية قتالية في كل من ليتوانيا، استونيا، لاتفيا، بولندا، رومانيا، بلغاريا، وبالتالي تكون موجودة مباشرة على الحدود الروسية. وتتضمن الخطة كذلك مشاركة 4200 جندي و 250 دبابة، وكذلك مدافع حديثة، و1700 مركبة مدرعة أخرى. ولم يكن مفاجأة بالنسبة للمتابعين الترحيب السريع، الذي أعلنته دول البلطيق بنقل لواء مدرع إلى حدود الناتو الشرقية، ارتباطا بقمة الناتو المرتقبة التي ستضيفها، في تموز المقبل العاصمة البولندية وارشو، والتي ينبغي ان تتمخض عن مزيدا من الالتزامات بضمان امن بلدان المنطقة في مواجهة الخطر الروسي المزعوم. ويجري التنويه إلى واقتباس فقرات من سيناريو الرعب الذي نشرته قبل أشهر "ورشة التفكير" الصادرة في واشنطن، والذي تضمن خطط روسية للتفوق الناعم على قوات الناتو المنتشرة في شرق اوربا، اذا جد الجد، في وقت قصير.
ولم يكن مفاجئا الرد الروسي السريع، الذي جاء على لسان الممثل الدائم لروسيا لدى حلف الناتو الكسندر غروشكو، والذي تحدث عن "خطوة أخرى للناتو على مسار المواجهة". وبهذا فقد أصبح الاتفاق الأساسي بين روسيا والناتو لعام 1997، والذي تعتبره روسيا "الركيزة الفاعلة الأخيرة" في الأمن الأوربي في مهب الريح.
وتشير إحدى فقرات لاتفاق إلى إن الناتو " في الحاضر وفي المستقبل القريب" يرى ان مهامه الدفاعية "يجسدها في القدرة على التفاعل الداخلي، و تعزيزا لتكامل، أكثر من ضمان التواجد الدائم للقوة العسكرية الكبيرة". ولعدم وجود دقة في تحديد معنى "كبيرة"، فان واشنطن تسعى إلى خلق منطقة رمادية يمكن دائما التحرك فيها، مع معرفتها بالمخاطر المترتبة على ذلك، فالمناورات في منطقة الحدود الشرقية للناتو تفتح الباب لإمكانية مواجهة عسكرية مع روسيا، العدو اللدود، الذي أعيد اكتشافه ثانية. ولهذا اعلن غروشكو عن "جواب غير متناظر بالكامل" دون تقديم مزيدا من التفاصيل.
لقد حان الوقت لكي يسعى كلا الجانبين من جديد إلى الدخول في حوار سياسي، من خلال إحياء مجلس الناتو- روسيا، الذي قام الغرب بتعليق اجتماعاته في عام 2014 بسبب أزمة أوكرانيا