مدارات

الناخبون الهولنديون يكبحون جماح اليمين الشعبوي / فيصل نصر

جاءت نتائج الانتخابات البرلمانية التي شهدتها هولندا الاربعاء الفائت لتخيب امال حزب الحرية اليميني الشعبوي المتطرف، الذي كان يأمل في احتلال الموقع الأول والسعي لتشكيل الحكومة الهولندية الجديدة. لقد حافظ حزب الشعب للحرية والديمقراطية اليميني التقليدي على موقع الصدارة بحصوله على 33 مقعدا بخسارة 8 مقاعد. و مني حليفه في الحكومة الحالية حزب العمل (ديمقراطي اجتماعي) بخسارة فادحة ليهبط من ٣٨ مقعد الى ٩مقاعد بعد ان تورط بالاشتراك في الائتلاف الحاكم منذ ٢٠١٢ وتبنيه سياسة الليبرالية الجديدة وما سببته تلك السياسة من تعميق الهوة بين ذوي الدخل المحدود واصحاب الدخول العالية.
وحصل حزب الحرية اليميني المتطرف بقياد خيرت فلدرز على المرتبة الثانية بحصوله على 20 مقعدا. على عكس استطلاعات الرأي السابقة التي تحدثت عن امكانية تصدر اليمين اللوحة السياسية في البلاد. وعبر الكثير من المراقبين عن فرحهم بفشل مشاريع اليمين الشعبوي، مؤكدين ان الناخبين الهولنديين كبحوا جماح اليمين المتطرف، وان هزيمة مشاريع اليمين الشعبوي ممكنة في اشارة منهم الى الانتخابات الرئاسية والعامة في فرنسا والمانيا على التوالي. ولم تأت محاولات الحزب المعادي للأجانب لتوظيف ازمة العلاقات التركية - الهولندية عشية الانتخابات، والتي قدم خلالها اوردوغان بتصريحاته الخرقاء خدمة مجانية للنازيين الجدد. وبهذا اصبح خيرت فلدرز وحزبه خارج مساعي تشكيل الحكومة الجديدة، نتيجة لقرار مسبق لجميع الاحزاب الفائزة الأخرى بعدم اشراك اليمين الشعبوي في اي تحالف حكومي مقبل.
وقال فيلدرز فور ظهور النتائج الأولية إنه لم يحقق الفوز الذي كان يطمح إليه في الانتخابات، لكنه مستعد لمعارضة قوية. وأضاف "كنت أفضل أن نكون الحزب الأكبر".
وحقق حزب اليسار الأخضر افضل نتائجه ويعتبر أكبر الفائزين لانه استطاع الحصول على 14 مقعدا بعد ان كانت اربعة، وحصل على اضعاف الأصوات التي كان قد حصل عليها في الانتخابات السابقة. وحافظ الحزب الاشتراكي الهولندي، الذي يمثل اليسار الجذري في البرلمان الهولندي على مواقعه تقريبا بحصوله على 14 مقعد، وبخسارة مقعد واحد فقط، على الرغم من حصوله على مليون صوت وبزيادة واضحة في الاصوات التي حصل عليها، مقارنة بانتخابات 2012.
ومن النتائج اللافتة تعافي نفوذ الحزب الديمقراطي المسيحي بحصوله على ١٩ مقعدا بعد ان تدنى في السنين الأخيرة الى ١٣ مقعدا اما حزب ديمقراطيون ٦٦ وهو حزب ديمقراطي ليبرالي فقد حصل على ١٩ مقعدا محققا اعلى انجاز في تاريخه ، في الانتخابات التي شهدت مشاركة واسعة في التصويت بلغت نسبتها ٨٢ في المائة من مجموع الناخبين البالغ ١٣ مليونا .
ويمكن القول ان اوربا قد تنفست الصعداء بعد إعلان نتائج الانتخابات الهولندية والتأكد من تراجع حظوظ حزب "الحرية" بزعامة الشعبوي خيرت فيلدرز، الذي كان يريد خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي وإغلاق الحدود وطرد المهاجري.
ولا يستطيع حزب الشعب للحرية والديمقراطية تشكيل الحكومة المقبلة براحة، إذ يتحتم عليه التحالف مع أكثر من حزب، حتى يصل إلى عتبة “النصف زائدا واحدا” المتمثلة بـ 76 مقعدًا، لوجود اختلافات في برنامجه مع بعض الأحزاب الفائزة لجهة الاقتصاد والتعامل مع المهاجرين. وستطول المفاوضات أسابيع عدة حتى تتشكل الحكومة المقبلة التي أتاح ناخبو أحزابها لدول الاتحاد الأوروبي ان تضع مخاوفها جانبا، بعدما كانت تخشى أن تنطلق كرة ثلج "الشعوبية الأوروبية" من الأراضي الهولندية المنخفضة.