شهد الوضع الأمني مؤخراً تطورا لافتا في بغداد وضواحيها؛ حيث أعادت الجثث التي يتم العثور عليها، فترة المناوشات الطائفية في العام 2006 الى الواجهة.
وفي انفلات أمني جديد، قامت مجاميع مسلحة ترتدي زي القوات الأمنية باختطاف وقتل مواطنين، في وقت تقف فيه القوات الأمنية الرسمية عاجزة عن إيقاف تنفيذ عملياتهم.
وروى مصدر من سكنة منطقة المشاهدة لـ"طريق الشعب" أمس السبت، أنه في ليل الخميس 28 تشرين الثاني الماضي، داهمت مجموعة من الأشخاص يرتدون ملابس عسكرية ويستخدمون سيارات رباعية الدفع، بيت السيد أحمد عبيد محيميد، وقامت بتقييد افراد الاسرة وعدد من ضيوفه وتفتيش المنزل ومصادرة الأموال والمخشلات الذهبية لزوجتيه الاثنتين".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن "المجموعة المهاجمة اقتادت الشيخ ومجموعة من الأشخاص كانوا يزورونه للاطمئنان على صحته بعد أن أجرى عملية جراحية لإحدى عينيه"، لافتا إلى أن من ضمن "الأشخاص الذين اقتادهم المسلحون، عامر نزيه وهو شيخ عموم عشيرة المشاهدة، والسيد إسماعيل احمد حمادي، وهو ابن عم احمد، وكذلك نزيه عبد الحميد شيخ فخذ البشيتي من عشيرة المشاهدة، وعمر إسماعيل إبراهيم، من أقرباء السيد احمد، وكذلك الدكتور احمد صالح الكمر شيخ فخذ".
وتابع انه "ومن ثم ترك المسلحون المنطقة ليقوموا باعتقال مدير ثانوية المشاهدة واثنين من أولاده مع آخرين، وبذلك يكون عدد المعتقلين في هذه العملية 21 شخصا".
وبين المصدر انه "في صباح اليوم التالي تم العثور على 18 جثة من المختطفين، مقتولين باطلاقات نارية، وتعرضت جثثهم إلى التمثيل"، مشيرا إلى أن "كل هؤلاء المختطفين لا يحملون أية مواقف معادية للسلطة، أما شيخ عموم عشيرة المشاهدة و د. أحمد وعمر إسماعيل فقد تم إطلاق سراحهم في نفس الليلة".
وزاد بالقول إنه "تم فرض حظر للتجوال في المنطقة، وكذلك مركز قضاء الطارمية، وأثارت هذه العملية سخطا ضد القائمين بها، وضد السلطة والجيش المتواجد في المنطقة، وأثيرت تساؤلات عن كيفية السماح لهؤلاء المجرمين بتنفيذ فعلتهم النكراء".
وفي نفس السياق، أفاد مصدر أمني في وزارة الداخلية بأن الناجي الوحيد من مجزرة المشاهدة رجح أن يكون منفذو عملية الإعدام ينتمون إلى تنظيم القاعدة، فيما قال أن المسلحين كانوا ملتحين وقاموا بالتكبير قبل إطلاق النار على الضحايا.
وأضاف المصدر لـ"أوان" أن الشاب الناجي الوحيد من المجرزة يبلغ عمره 24 عاما وهو من سكنة المشاهدة قال انه "سمع أصوات تكبير من قبل منفذي الإعدام"، مشيرا إلى أنهم "كانوا ذوي ذقون طويلة".
وذكر المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن "الناجي رجح أن يكون المسلحون ينتمون إلى تنظيم القاعدة"، مؤكدا أن "من بين الضحايا ضابط برتبة عقيد في وزارة الداخلية".
يذكر أن الناجي الوحيد هو من ارشد القوات الأمنية إلى المكان الذي نفذ فيه المسلحون عملية الإعدام بـ18 ضحية فجر أمس الأول الجمعة.
وكان مصدر امني كشف عن العثور على 18 جثة في احد بساتين منطقة المشاهدة شمالي العاصمة بغداد تحمل آثار اطلاقات نارية في الرأس.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "الجثث تعود لمواطنين تم خطفهم من منازلهم في منطقة المشاهدة على يد مسلحين متنكرين بزي عسكري".
وقتل 51 شخصا في موجة عنف في العراق الجمعة، معظمهم خطفوا وأطلقت عليهم النار، في أعمال عنف جديدة تذكر بالنزاع الطائفي الذي شهدته البلاد قبل سنوات.
وأكد ضابط برتبة ملازم أول في شرطة الطارمية مقتل 18 شخصا بينهم ضابط برتبة رائد في الجيش وأربعة من عناصر الشرطة واثنان من زعماء العشائر، بعد اختطافهم على يد مسلحين بعد منتصف ليلة الخميس.
وقال ضابط في الشرطة برتبة عقيد لـ"فرانس برس"، إن "مسلحين مجهولين يرتدون زي قوات الأمن ويستقلون سيارات عسكرية قاموا باختطاف 18 شخصا بينهم ضابط في الجيش برتبة رائد، بذريعة الاعتقال لدواع أمنية للاشتباه بهم، من منازلهم في قرية مجبل في منطقة الطارمية" الى الشمال من بغداد.
وبشأن ارتداء الزي الرسمي للأجهزة الأمنية وما يشكله من خرق، أفاد المتحدث باسم عمليات بغداد العميد سعد معن، بأن "هذا بكل تأكيد يشكل عبئا على القوات الأمنية، حيث تكررت حالات استخدامه من قبل الإرهابيين حتى الذين ينفذون عمليات انتحارية، وهذا الموضوع خلق جدلا كبيرا في الأوساط الأمنية وفي وزارة الداخلية التي تبحث عن وضع حلول جذرية لهذه المشكلة من خلال السيطرة على توزيع الملابس العسكرية أو إنشاء معامل خاصة بالمؤسسات الأمنية".
وشدد معن على أن "المواطن يجب أن يسأل القوات التي تأتي لتنفيذ أي مهمة عن الأمر القضائي الخاص بالمداهمة أو إلقاء القبض أو إبراز الهويات الرسمية للقوات المكلفة بهذا الواجب".
من جهته، قال أحمد الشريفي، الخبير في الشؤون الأمنية، أن "نشاط الجريمة أخذ بالتصاعد في بغداد، نتيجة لقرب موعد الانتخابات لذا فالجماعات المسلحة تحاول تأجيج الوضع طائفيا، وصولا الى حرب أهلية".
وأضاف الشريفي أن "صناعة الأمن في العراق تعاني من خلل في القيادة السياسية للمؤسسات الأمنية، وهذا يأتي من عدم وجود وزراء أمنيين ولا وكلاء مباشرين، يقومون بدور الإشراف والمتابعة".
ولفت إلى أن "الوضع الأمني في العراق يعاني من الفوضى؛ فيستطيع أي شخص ان يقوم بارتداء الزي الرسمي ويدعي انتماءه لأحد الأجهزة الأمنية، ويسمح له بالدخول إلى أي منطقة ومن ثم يقوم بتنفيذ عملياته الإجرامية".
وأشار الخبير الأمني إلى أن "الخلايا النائمة للتنظيمات الإرهابية قد تكون أكثر بكثير من الخلايا الموجودة على الأرض، وهي تخترق الأجهزة التنفيذية وموجودة داخل قوات الأمن".
وبين الشريفي أنه "نتيجة للفوضى الأمنية تستطيع هذه الخلايا السيطرة على مناطق رخوة في العاصمة، ويمكنها كذلك قطع محافظات بأكملها بسبب هذه المناطق الرخوة التي لم تفرض قوات الأمن سيطرتها عليها بشكل جيد".
وفي حادث مماثل، قتل سبعة عمّال بعد اختطافهم الخميس الماضي في مدينة تكريت.
وقال ضابط في الشرطة برتبة رائد: "عثرنا على جثث سبعة أشخاص قتلوا نحرا في حي القادسية" الواقع شمال مدينة تكريت.
وأضاف أن "الضحايا هم عمال في ملعب رياضي يقع غرب مدينة تكريت، خطفوا الخميس وعثرنا على جثثهم في اليوم التالي".
وأكد مصدر طبي في مستشفى تكريت "تلقي جثث سبعة رجال مقتولين نحرا"، دون الإشارة لتفاصيل أكثر. في حين تحدث ضابط برتبة عقيد في الشرطة عن "العثور على جثتين كاملتين وخمسة رؤوس لرجال بدون جثث". كما تم العثور على ثلاث جثث إضافية تعود إلى نساء في شرق بغداد وتحمل آثار تعذيب ورصاصا في الرأس، وفق ما أفاد به مسؤولون، مرجحين أن يكون الضحايا قتلوا في وقت سابق الجمعة.
وفي أنحاء أخرى من العراق، امس الاول الجمعة، أسفرت هجمات في بغداد وما حولها وفي مدن الموصل وبعقوبة وكركوك عن مقتل 23 شخصا، بحسب مسؤولين.
فقد قتل خمسة أشخاص في تفجير عند ملعب لكرة القدم غرب بغداد، كما قتل ستة أشخاص في هجوم بالرشاشات على ذكر انه بيت للدعارة شرق العاصمة.
ويشهد العراق منذ نيسان الماضي تصاعدا في أعمال العنف التي يحمل بعضها طابعا طائفيا.
وتأتي الهجمات الأخيرة في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في الثلاثين من نيسان المقبل.