في نداء صفحة تربية وتعليم دعونا الى الاصلاح الجذري للعملية التربوية التعليمية بجميع مستوياتها وتنوعاتها . وركزنا على الابنية المدرسية وضرورة جعلها قادرة على استيعاب جميع الاطفال في السن الدراسية . وعلى احتوائها جميع المستلزمات الضرورية للتعلم .
ونحن الان ندعو الى تحسين الاداء المدرسي باعتباره ضرورة آنية ملحة لانه اصبح العامل الاقوى في جميع الممارسات التربوية ، فاعادة بناء المدارس تمثل مكونا اساسيا من عمليات التجديد والتطوير التربوي التعليمي . والهدف هو ايجاد طريقة عملية لرفع معايير الجودة المدرسية بتحسين الاداء داخل صفوف الدراسة وهذا الامر هو الذي سيطر على دعاة الاصلاح وراسمي السياسات التعليمية في الدول المتقدمة والنامية وبالرغم من ارتباط عمليات الاصلاح والتحسين الوثيقة الصلة بالتكامل بين العوامل الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وبالرغم مما حظيت به المدارس من الدراسات والبحوث والكتابات التي تناولت جميع جوانب المدرسة ، بهدف تحسين الاساليب المتبعة في طرق التدريس والتعامل مع الدارسين في جميع الممارسات المهنية . الا ان التحسين المدرسي عملية معقدة يتشابك فيها السياسي بالثقافي والاجتماعي بالاقتصادي بالاضافة الى تداخل عوامل تحد من تحقيقه اهمها:
العوامل التي تحد من اثار التحسين والتطوير في الاداء المدرسي
* الاساليب البيروقراطية المتبعة من قبل الادارات المقيدة للتجديد والتطوير اضافة للمركزية الشديدة التي تتضاءل امامها الاصلاحات .
* تعدد مستويات المسؤولين فيما يخص ارتباطهم بالتحسين المدرسي والتباعد بين وجهات نظرهم في الامور التربوية التعليمية . وعدم وضوح الرؤيا بالنسبة لاوليات التحسين والتجديد المدرسي في عراقنا . بالرغم من ان التحسين وجودة الاداء المدرسي قد اصبح مطلبا عاما للدول المتقدمة والنامية على السواء .
* ندرة الكفاءات القادرة على تخطيط التحسين وتحديد مداه.
* عدم وضوح السياسات التعليمية بالنسبة للمعلمين والادارات المدرسية .
* غموض الاهداف التربوية بالنسبة لجزء كبير من شغيلة التعليم .
* تعاني المناهج الدراسية من التراكم والتشابك . وكثيرا ما ينفذ اصلاح المناهج وكأنه اضافات تراكمية متشابكة لا تاخذ التواصل والتدرج بين مرحلة واخرى .
* طرق التدريس تقليدية تعتمد على حشو اذهان التلاميذ بالمعلومات وكثيرا ما يستعمل المعلمون اساليب العقاب البدني والنفسي لاجبار الطلبة على الحفظ والتذكر .
* تعتمد الادارات المدرسية على الاساليب البيروقراطية مع المعلمين والطلبة .وغالبا ما تستعمل اساليب العقاب البدني والنفسي مع الطلبة واساليب الاكراه مع المعلمين .
* ضعف المستوى العلمي والمهني للمعلمين وبالتالي اتصافهم بضعف الاداء .
* وعلى العموم فالمدرسة العراقية جامدة وتقليدية في معظم مجالات تطبيق المعطيات التربوية الحديثة وخاصة في المناهج الدراسية وطرق التدريس .
الجوانب السلبية في المناهج الدراسية
تتركز الجوانب السلبية في المناهج الدراسية في الامور الآتية:
المناهج الدراسية تتركز وتتراكم فيها المواد وتزدحم بالحقائق والتفاصيل .
كل ما في المناهج يتجه الى الذاكرة اكثر مما يتجه للحواس والعقل ويدعو للحفظ والتذكر اكثر مما يدعو الى التفكير .
الاعتماد على الكتب يفوق الاعتماد على الانشطة والفعاليات . وهذا ادى الى تدني القدرة على بناء المعارف والمعلومات والخبرات وضعف الخيال.
بهذا الشكل اصبحت العملية التربوية التعليمية تنصب على الحفظ والتذكر .
والاساليب تعتمد على تلقين الحلول بدل اعتمادها على بناء المعارف والمعلومات والخبرات وادراك القيم والوصول لبناء الانسان القادر على خدمة وطنه وشعبه والمرتبط بوطنه برباط المواطنة المقدسة .
ابتعاد المنهج عن روح العصر وما يجري فيه من تطورات معرفية وتسارع تكنولوجي متطور .
في مدارسنا يجري التركيز على الحفظ والاستظهار ، ويركز على الذاكرة ويتم الابتعاد عن التفكير وتحشى المعلومات حشوا في اذهان التلاميذ بحيث يعتبر هذا هو المهمة الرئسية للمدرسة .
يجري التركيز على الجانب النظري في المناهج وتهمل الجوانب التطبيقية العملية ويحدث القصور في اساليب التعليم والتعلم والتقويم .
التركيز على الكم والابتعاد عن الكيف وانفصال ما يتعلمه التلاميذ عن واقعهم واحتياجاتهم.
ابتعاد المناهج عن احتياجات التلاميذ ومتطلبات التنمية وسوق العمل والخدمات .
بالرغم من التحسينات المنهجية التي طالت بعض المناهج الا انها لا تستطيع وليس بمقدورها بناء شخصيات للخريجين تقدر على المنافسة في مجتمع المعرفة وتستجيب لمتطلبات التنمية واسواق العمل والخدمات .
في هذا الظرف انفصلت المدرسة وفقدت دورها في خدمة المجتمع وتطويره.
ارتباط اشكالية التردي بالواقع المعاش
في عراقنا تبدو اشكالية التردي في مخرجات التعليم وفي المجتمعات المدرسية مرتبطة تماما بالواقع المعاش في عموم الوطن .
ففي اواخر عهد صدام عشنا ثلاث حروب متتالية ذقنا الويلات فيها وتدهورت مستويات المعيشة بشكل كبير بحيث اصبح راتب المعلم مساويا لطبقة واحدة من بيض المائدة مما اضطر بعض تلامذة المدارس الى جمع اجرة ذهاب المعلم وايابه من بيته الى المدرسة .
وبعد التغيير جاءتنا الحرب الطائفية المقيتة التي اوصلت الامور الى حد القتل على الهوية ، واشعلت فتيل التفجيرات والمفخخات واشاعة التهجير والاختطاف والقتل غدرا . وبعدها جاء عتاة الارهاب والجريمة واحتلت داعش الموصل كبرى مدن العراق وسنجار وشمال العراق وغربه وصالت وجالت وقتلت وعذبت ، وهتكت الاعراض واحرقت واغرقت وسرقت .ورغم كل الجهود المبذولة فلازالت تقفز هنا وتنط هناك ولا زالت الملايين من العوائل المهجرة البالغ عددها ( 400000 اربعمائة الف ) عائلة مهجرة من مناطق سكناها التي احتلها الارهابيون . ولا يزال ابناؤهم الطلبة يبحثون عن مدارس تحتضنهم ولا زالت معاناتهم مضرب الامثال في الصبر وقوة الاحتمال في تحضيرهم للامتحانات وهم في خيام التهجير وفي انتظارهم للنتائج .
وهكذا عانى مجتمعنا الامرين ومعه قطاع التعليم بمراحله وتنوعاته وتطلب هذا منا مراجعة جادة لثقافة المدرسة من اجل اولا تجديد الممارسات المهنية فيها . وثانيا تحقيق الاصلاح والتطوير المدرسي بصورة واقعية ليكون قادرا على الاسهام في رفع الاداء من ناحية وتحسين المخرجات النوعية من ناحية اخرى والعمل على اعادة النظر في اهداف التعليم والتعلم المدرسي وجعله يتضمن تعليم التلاميذ مهارات البحث والتعلم الذاتي والتعود على عمليات التحليل والنقد والاستقصاء وتعريفهم بمصادر التعلم المختلفة ، وجعل تعليمهم فعالا يلبي احتياجاتهم وينفتح على المجتمع ومتطلباته، ويساير التطورات العالمية.