- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 19 أيار 2015 19:27
طريق الشعب
أكدت محكمة العنف الاسري، اتساع ظاهرة العنف الأسري في العراق، وفيما اشارت الى ان 90 بالمئة من الدعاوى المعروضة كانت الضحية فيها المرأة، أرجعت الأسباب إلى تدهور الوضعين الأمني والاقتصادي اللذين ينعكسان سلباً على الأسرة.
وشكت محكمة العنف الأسري، عدم وجود قانون خاص بها تركن إليه، فيما دعت مجلس النواب إلى الإسراع في تشريعه، و اشارت من جهة أخرى إلى الافتقار إلى أماكن احتجاز الموقوفين في هذه الجرائم.
وترى قاضية محكمة العنف الأسري، خالدة كولي، في تقرير نشره موقع مجلس القضاء الاعلى، واطلعت عليه "طريق الشعب"، أن "الغرض من تأسيس هذه المحكمة هو المحافظة على العلاقات والروابط الاجتماعية وحماية الأسرة والطفل من العنف".
وتتكون هيكلية المحكمة، كما تقول كولي، من قاضي تحقيق ونائب مدع عام وقاض وقسم حماية الأسرة والطفل التابع لوزارة الداخلية والذي يضم عددا من الضابطات.
وأضافت القاضية كولي، ان "القانون المدني وعلى وفق المادة 39 حدد اطراف الأسرة بالأب والأم والأولاد والجد والجدة فقط". وبشأن ما إذا كان هناك قانون خاص بالمحكمة، بينت أن "قانون العنف الاسري لم يشرع إلى الآن, لذلك تعتمد المحكمة في قراراتها على قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية".
وذكرت أن "القانون المدني لا يشترط أن تسكن الأسرة في دار واحدة"، موضحة أن "الفتاة مثلاً حين تتزوج لا تنقطع بينها وبين اهلها الروابط الاسرية وبالتالي اذا تعرضت لعنف من أهلها يحق لها تقديم شكوى ضدهم".
وبينت كولي ان "جرائم العنف الأسري لا يوجد لها تعريف محدد ولكن نعرّفها بانها كل ما يقع على الشخص من اذى بدني او نفسي وكذلك جرائم السب والشتم والتهديد؛ وتمتد إلى جرائم القتل"، مضيفة : "في هذا النوع من الجرائم تعرض القضية على محكمة العنف الاسري وبعد اكمال التحقيق فيها ترسل إلى الجنايات".
وتابعت أن "مصادرة الأفكار والآراء داخل الأسرة تعتبر من قضايا العنف الاسري وتمثل ضررا أدبيا ونفسيا يقع على الشخص"، لافتة إلى "حق المتضرر في تقديم شكوى"، إلا أن القاضية أكدت عدم ورود شكاوى من هذا النوع بسبب "طبيعة المجتمع"، كما تقول.
وعن الجزاء المترتب من هذه الدعاوى، اوضحت كولي أن "العقوبات عادة ما تكون الحبس أو الغرامة كما هو معمول به في الدول الأوربية، وهذا موجود في قانون العقوبات العراقي".
وأشارت إلى أن "القوانين الموجودة الآن لا تعالج العنف الأسري حيث تتعامل مع الجميع والأسرة تحتاج الى خصوصية معينة"، داعية الى "الإسراع في تشريع قانون خاص يراعي الحالة النفسية للازواج".
ومضت قائلة :ان "سبل معالجة المشاكل تكون من خلال بحث اجتماعي دقيق"، مقترحة على "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية منح درجات وظيفية للنساء المعنفات وهذا سيحل جزءا كبيرا من المشكلة".
وشرحت القاضية آلية تقديم الشكوى التي تبدأ "بتقديم طلب من صاحب العلاقة الى قاضي التحقيق وبعدها يحال الى قسم حماية الأسرة والطفل في مركز الشرطة وبعدها يحال الى القاضي".
وفيما انتقدت كولي "قسم حماية الأسرة والطفل في مركز الشرطة لعدم امتلاكه باحثين اجتماعيين"، أشارت إلى أن "إمكانات الجهات التنفيذية ضعيفة خاصة في تنفيذ التبليغات، اذ ان المبلغين ليس لديهم المعلومات القضائية الكافية لتنظيم التبليغ بشكل مطابق لأحكام اصول المحاكمات الجزائية وهذا يهدر حقوق الناس أحياناً فضلا عن التلكؤ في تنفيذ أوامر القبض"، مطالبة بأن "يكون هناك كادر خاص يشمل قاطع الرصافة بأكمله ومفارز لتنفيذ اوامر القبض".
وعن إمكان تقديم الطفل شكوى ضد ذويه اذا تعرض للأذى أفادت كولي بانه "لا يستطيع ان يقيم شكوى ما لم يتجاوز سن الـ15 كي يستطيع حلف اليمين"، موضحة "اذا كان قاصرا فإنه لا يعي كيف يمكن ان نعطيه القدرة على تقديم الشكوى على أهله ولاسيما أن هناك نصا في القانون يقضي بأن للأهل حق التأديب".
ونبهت كولي الى ان "المحكمة دائما ما تقف أمام عقبة عدم وجود دور لإيواء المعنفين من أطفال أو نساء".
وفيما يخص التواصل بين المحكمة ولجنة المرأة والطفولة في مجلس النواب، قالت انه "لا يوجد أي تنسيق, فضلا عن ان اللجنة لم تعرض علينا نص القانون ولم تأخذ رأينا فيه على الرغم من ان المحكمة على دراية كبيرة بالمشكلات في ارض الواقع التي يجب ان يعالجها القانون اذ ان الجانب العملي يختلف كثيرا عن الجانب النظري".
ولفتت الى ان "اغلب المشتكيات هن من النساء"، مؤكدة ضرورة أن "يكون الكادر نسويا لسهولة التفاهم"، وتابعت أن "الاسرة تثق بالمحكمة وهذا شيء ايجابي".
وترى كولي ان "هناك اتساعا كبيرا في جرائم العنف الأسري"، عازية ذلك الى " عوامل عدة من اهمها حالة الاضطراب الأمني التي تنعكس بشكل سلبي على الأسرة".
واضافت ان "العامل الاقتصادي له دور كبير في موضوع العنف الاسري ,فضلا عن السكن المشترك الذي يعد السبب الرئيس في الكثير من المشاكل".
وكشفت القاضية ان "هذه الجرائم لا تقتصر على محدودي التعليم وانما تشمل طبقة المثقفين ايضا وبالتساوي حتى انها تصل أحيانا إلى مستوى أساتذة الجامعات".
الى ذلك قالت، نائبة المدعي العام، مها محيي مجيد ان "للادعاء العام دورا كبيرا في قضايا العنف الاسري, اذ نراقب قرارات القاضي ونميّزها ان تطلّب الامر ونطلب الافراج بكفالة ان كانت الحالة تستوجب".
واستعرضت مجيد المعوقات التي تعترض عمل المحكمة, منها "عدم وجود مكان مخصص لتوقيف المتهمين في جرائم العنف الأسري"، موضحة انه "من الخطأ توقيف متهم بهذا النوع من الجرائم مع متهمين بالإرهاب".
واضافت ان "مقر التوقيف الخاص بالمحكمة في مركز شرطة الشعب مكتظ بالموقوفين والمحكومين فمن غير الممكن أن نوقف شخصا لديه مشكلة مع زوجته في هذا المكان لما له من آثار نفسية سلبية على الزوجين اذ سيولد حقداً من الرجل على زوجته".
واستدركت "أما اذا كانت المرأة هي المذنبة فإن الصعوبة اكبر في توقيفها مع متهمات بجرائم خطرة, فضلا عن نظرة المجتمع السيئة".
وقالت مجيد ان "المحكمة طالبت وزارة الداخلية في أكثرمن تقرير بضرورة انشاء مواقف خاصة, لكن من دون جدوى".
وذكرت أن اهم مشكلة تعترض عملنا عدم وجود قانون للعنف الاسري اذ ان القانون الذي نعمل به الان لم يحدد لنا نطاق الاسرة والى أي درجة قرابة".
واستطردت مجيد أن "المحكمة ليست لها اية خصوصية من ناحية القوانين بسبب عدم وجود قانون خاص للعنف الأسري، لاسيما أن هناك نصوصا تتعارض مع هذا المفهوم, منها أن للزوج حق تأديب زوجته".
ولفتت إلى أن "90 بالمئة من قضايا العنف الأسري تكون فيها المرأة هي الضحية ولكن سجلت المحكمة حالات يكون الرجل هو المعَنّف ويقدم شكوى الى المحكمة".