مجتمع مدني

دور المدرسة في تحقيق أمن الطلبة واستقرارهم / غسان مالك سهر

يشكل الامن والاستقرار النفسي احدى الحاجات المهمة للشخصية الانسانية والتي تصبح من الحاجات ذات المرتبة العالية للانسان , وان الشعور بالامن النفسي هو اساس التكوين الجيد للشخصية ومن شروطه الصحة النفسية السليمة التي يسعى الفرد لتحقيقها بصورة مستمرة , وعندما نتأمل حال العراق نجد ان العنف اصبح واقعا يوميا , حيث يتعرض المواطنون في كل يوم الى مخاطر كبيرة من الانفجارات والسيارات الملغومة والسلب والخطف والقتل والتهجير والتدمير , وان جميع هذه المظاهر تهدد الامن النفسي للفرد والطلبة في مختلف المراحل الدراسية بصورة خاصة , وقد انعكست هذه الاوضاع غير الطبيعية على المدار? والطلبة والهيئات التعليمية وكل العاملين في القطاع التربوي نتيجة اجواء التوتر السائدة في المدارس والتي تجعلها مهددة وبعيدة عن الاستقرار والامان.
ولغرض الوقوف على هذه الحالة واثرها على الواقع التعليمي والتدريسي كان لـ"طريق الشعب" حديث مع عدد من المعلمين والمدرسين والمهتمين بالشأن التربوي لإستطلاع آرائهم:
 سرمد قادر حسن / مدرس :
ان مظاهر العنف والقتل والدمار فرضت نفسها على تفكير وتصرفات الطلبة من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الاعدادية لانهم محاطون بمظاهر التسلح والعيارات النارية والانفجارات , وان مدارسنا تعيش اجواء خطرة من العنف والاضطرابات والتهديد وخصوصا المناطق الساخنة , وهذا يعكس اثاره على الطلبة ولا بد من تغيير هذا الواقع المرير الى مستوى الامان والاستقرار لابنائنا الطلبة .
 شفاء منصور ابراهيم / مرشدة تربوية :
لا يخفى على العالم ان النظام الديكتاتوري المباد ساهم وبشكل مؤثر في اشاعة سياسة العنف والقسوة والقوة والاضطهاد بين شخصيات الطلبة وفي اذهانهم وذلك من خلال الشعارات الرنانة وصور القتل والدمار التي كانت تشاع انذاك وكانت معاناة القطاع التربوي كبيرة واكثر قسوة واثارها ابلغ سوءاً مما تعرضت له القطاعات الاخرى , وان الظروف التي تحيط بطلبتنا داخل المدارس اثناء العملية التربوية والتعليمية تؤثر على تحصيلهم الدراسي وبناء شخصياتهم نتيجة بروز العديد من العقبات والصعوبات التي تعاني منها المدرسة مثل الرسوب والتسرب وانقطاع البعض منهم عن الدوام.
 سهاد كاظم علي / معلمة متقاعدة:
هناك مشاكل كثيرة تعتري العملية التربوية في العراق منها اكتظاظ الصفوف الدراسية حيث يصل عدد الطلبة في الصف الواحد من 50 الى 70 طالبا ويصل احيانا في بعض مناطق الاطراف الى 100 طالب يصاحبه الدوام المزدوج والثلاثي ولجوء عدد كبير من الطلبة الى التدريس الخصوصي وخاصة في الصفوف والمراحل الدراسية المنتهية نتيجة ضعف التعليم الحكومي مع اتباع المعلمين اساليب قلما تساعد على النمو العقلي والثقافي للطلبة " التلقين " والتركيز على عمليات التقويم والامتحانات على التحصيل الدراسي اللفظي للطالب واستخدام اسلوب الامتحان فقط دون اس?ليب التقويم الحديثة الاخرى مع قلة الاستخدام الفعال للوسائل التعليمية وغياب المختبرات المدرسية وقلة الخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية للطلبة وضعف العلاقة بين الجوانب النظرية والجوانب التطبيقية والنشاطات المدرسية يصاحبه ضعف العلاقة والتعاون بين المدرسة والبيت وبين اعضاء الهيئة التعليمية واولياء الامور , ان هذه العقبات التي تواجه العملية التربوية والتعليمية لا توفر الامن النفسي للطلبة بصورة عامة.
 سامر شياع عبد الحسن / طالب دراسات عليا:
ان عدم اشباع الحاجة للامن النفسي يشكل مصدراً للقلق والتوتر وعدم الارتياح وانشغال الفكر وتوقع الخوف من حوادث المستقبل ما يجعل الفرد فريسة للمرض النفسي ويكون اقل قدرة على المبادأة والمرونة واكثر جمودا وترددا , فمثلا يؤثر الشعور بالامن النفسي ايجابيا في النمو النفسي السليم للفرد في اتزانه الانفعالي وتوافقه النفسي، بالعكس ان فقدان الامن النفسي يؤثر بشكل سلبي على النمو النفسي للفرد ويدفعه الى الاكتئاب, فلذلك لا بد من ان نعي اهمية الدور الذي تؤديه المدرسة في تحقيق الامن النفسي وتعزيز دوره في تطوير شخصية الطالب ضمن الاطار الشامل للعملية التعليمي .
ان التربية تتوجه الى شخصية الطالب بكاملها بما تنطوي عليه من روح وعقل وجسد وعاطفة فتعمل على تكييف هذه الشخصية وتمكينها من النمو السوي بانتظام وانسجام وذلك نتيجة التفاعل مع البيئة , وان تربية الفرد هي حصيلة عوامل عديدة في المدرسة والبيت والمجتمع , وان يؤخذ بنظر الاعتبار نمو الطالب وتحقيق حاجاته وفي مقدمتها الحاجة للامن النفسي.
 خلود علي محيبس / مديرة مدرسة :
ان الامن والاستقرار يشكلان ركيزة اساسية وعاملا حيويا لانجاح العملية التربوية وفي حالة الظروف التي يمر بها بلدنا يدفع الانفلات الامني والانفجارات الى اوضاع غريبة وشاذة تؤثر على جميع مفاصل العملية التربوية وعناصرها وخاصة الطالب والمعلم , واصبح جميع المعلمين واولياء امور الطلبة ينتابهم هاجس الخوف والقلق من المجهول لدرجة ان بعض اولياء الامور عند سماعهم دوي الانفجارات يتجمهرون قرب بوابة المدرسة بأنتظار خروج ابنائهم الطلبة خوفا عليهم من الخطف او الاذى.
 سلوان محمد طالب / مدرس :
من الضروري معالجة موضوع الامن النفسي باعتباره حاجة من الحاجات الاساسية للطلبة, والتي لها شأن مهم في صحتهم النفسية ونجاحهم وتوفقهم الدراسي , وبالتالي تحقيق الاهداف التربوية والتعليمية حيث ان اعمال العنف والقتل ومناظر الدمار تترك في مخيلة الطالب صورا سوداً قاتمة للواقع الذي يعيش فيه والمستقبل الذي يصبو اليه ويجعله بعيدا عن التواصل العلمي والمعرفي , وان خوف الطلاب وخاصة الطالبات من الخطف بتهديد السلاح امام المدرسة او الشارع يدفعهم احيانا الى ترك المدرسة.
واخيرا هناك بعض السبل والمعالجات قد تحقق للطالب نوعا من الامان والاستقرار النفسي مثل تعزيز ثقته بنفسه ومساعدته على الشعور بالامان في حياته مع اشاعة روح التفاؤل والامل بمستقبل واعد وتطوير دور المرشد التربوي في المدارس للمساهمة في رسم سبل تحقيق الامن النفسي لدى الطلبة وتخفيف معاناتهم من وطأة ظروف العنف السائدة في المجتمع وفي الواقع التربوي والاجتماعي وتلافي اثارها في المستقبل.